الكاتب: آرام بيترا
تنويه: أكتب أنا لأظهر مافي التاريخ من حقائق دُفنت في قبور عميقة لكي تُنسى ولاتعلم بها الأجيال القادمة. ولايمكنني أن أكتب بروح عنصرية ضد أحد بل يحق لي أن أقول الحقيقة التي تتحدث بما جرى في سورية بالماضي والحاضر ولايمكن للذاكرة أن تنسى، ولا آباؤنا وأجدادنا ينسون ماحدث ويحدث في حبيبتي سورية.
مقدمة: لاأكتب أنا مقالاً سياسياً بل أكتب من التاريخ الحقيقي الذي شوهد بأم العين وسَمعت به الأذن، ولكي يعلم الجميع أن التاريخ مازالَ صاحياً غير نائم يذكر الحقائق الموثوقة التي مُنعت عن الناس لكي لايعرفوها ومن زوَّر وجعل من المجرمين أبطالاً يخلدهم التاريخ ولكن نبش تلك القبور التي دُفنت بها الوثائق التاريخية والحقائق يظهر للعالم أجمع ماحدث ويحدث في كل زمان ومكان.
للحقيقة :لنبدأ من زمن ليس ببعيد بل هو موثوق ومعروف، تكلم به الأجداد على مسامعنا وأظهرته الوثائق التي جُمعت وقالت الحقيقة .
-- هذه صورة لأحياء دمشق المسيجية مدمرة في عام 1860 بعد مذبحة دمشق الشهيرة على يد الأتراك وبعض السوريين المجرمين:
في مثل هذه الأيام من عام 1860 أي في 09/ تموز/1860
اندلعت مذابح دمشق ضدَّ مسيحيي دمشق العزل، حيث أوعز العثمانيين لرعاع من الشعب بالهجوم على المسيحيين وقتلهم ونهب أرزاقهم والجنود الأتراك يحموهم ويساهمون معهم. نتج عن ذلك مذبحة رهيبة بحق مسيحيي المدينة حيث قضى نحو عشرة آلاف منهم على مدار 7 أيام بلياليها وانتهكت بها كل المحرّمات والمقدسات، بوحشية، وانتهاكات إنسانية فضيعة يندى لها جبين كل انسان محترم صاحب ضمير. هذه المذابح الوحشية تركت في ذاكرة الناس جروحاً عميقة في الذاكرة السورية، ولم يَجرِ ذكرها إلاّ على يد أشخاصاً معدودين نجوا من المذبحة أو على يد قناصل الدول الغربية في الشرق أو باحثين غربيين في التاريخ وظل تداول هذه الكتب والوثائق محدوداً جداً بشكل محصور في نطاق أكاديمي ضيق أو كتب سرية لايسمح باشهارها لأن ذلك يستوجب قطع الرأس أو اللسان أو الاخفاء بدون رجعة .
وللحقيقة ليس كل المسلمين في دمشق شاركوا بهذه المذابح بل هناك منهم مَنْ حمىَ المسيحيين كأهل حي الميدان الدمشقي والسيد عبد القادر الجزائري الذي كان لاجئاً في دمشق حيث فتح داره لهم ليختبؤا وقال: هذا لايجوز وهذا عار كبير يقع عليكم يا أهل دمشق.
هناك منطقة في دمشق تسمى برج الروس والكثيرون لايعلمون لماذا هذا الاسم. وللحقيقة سميت تلك المنطقة وهي قريبة من مكان المذبحة ولكن خارج السور القديم للمدينة، ببرج الرؤوس حيث بنى المجرمون برجاً برؤوس الذبوحين.
كما أنه وبنفس العام قام آخرون في لبنان بمذابح ضد المسيحيين وباشراف ومشاركة الجنود العثمانيين بذبح ثلث الشعب المسيحي وتهجير الثلث وموته بسبب الأمراض وبقاء الثلث من السكان المسيحيين.
إذاً هناك الكثير من الوقائع الإجرامية والمذابح التي قام به العثمانيون وأنصارهم من الأكراد في سورية التي كانت حدودها الشمالية تمتد حتى جبال الأناضول في الشمال (منابع الفرات ودجلة)(أرض السريان أي السوريين) ولكن تركيا أخذت مساحات واسعة وذبحت أهلها السوريين (السريان والآشوريين والكلدان وغيرهم من المسيحيين) وامتدت تلك المذابح من 1860 حتى 1915 حيث كانت أكبرها. فذُبح فيها أكثر من (2) اثنين مليون أرمني و600 ألف مسيحي سوري وأكثر من 400 ألف يوناني مسيحي.
فكل هذه المذابح ينسوها اخوتنا في الإنسانية المسلمون، ولا يقولون الحقيقة ويعترفون بها.
صحيحٌ الحقيقة مرّة لكن يجب الاعتراف بها لكي لاتعاد ولا بشكل من الأشكال وأن تذَّكَرْ الأجيال الحالية لكي يفهموا أن هذه الأفعال سيئة جداً وسوف يدونها التاريخ عارٌ عليهم وعلى أجدادهم، لا أن يظهروها بأنها بطولات وأفعال حميدة كما فعلها الدواعش في الماضي وفي هذا الزمان الحاضر وسوف يفعلونها في المستقبل. هذا الفكر المُدَمِرْ للكرامة والقيم الإنسانية، يجب أن يُدمَرَ ويلقى به في محارق القمامة. وعلى من يريد أن يكون بريئاً من هذا الاجرام المستمر والذي لاينتهي، أن ينبذه وينبذ فاعليه ويسميهم بالمجرمين ضد الإنسانية وأن لايتعاملوا معهم ومع من يرعاهم ويدعمهم بالمال والفكر المشحون، فكل هؤلاء مجرمين محترفين يجب محاكمتهم في الحاضر وعن الماضي، ووضع الأحكام في كل مكان لكي يعرف العالم من قاموا بها لكي لا يفعلها أولادهم أو أحفادهم من بعدهم. فالتاريخ لايرحم ولاينسى فسوف يسمون بالمجرمين وتبقى دماء الضحايا وصمة عار على جباه كل من يتبع فكرهم القاتل المجرم أو يسميه بمسميات جميلة ومهذبة ويبرر لهم الآن، لكن الحقيقة سوف تظهر وتوصمهم بالعار إلى آخر الزمان.
لقد شهدنا بأم العين ماذا فعل الدواعش في العراق وماذا كتبوا على أبواب المسيحيين (ن) وكيف دمرت الكنائس وكان المسلمون يصفقون لهم ولكن المسلمين الشرفاء قالوا هذا عار علينا وعلى أولادنا ...
وفي سورية ومنذ عشرة سنوات وحتى الآن، أيضاً قتلوا الكثير الكثير من المسيحيين حيث كانت دولة العثمانيين الجدد ترعاهم ودول عربية تمولهم وتغذيهم فكرياً. فيا للأسف على هذا التاريخ القذر والذي لايمكن محيَه لأنه طُبع في الذاكرة الحية لنا، ومن عاين وشاف لاينسى. وسوف يُذكَر هذا للأجيال اللاحقة لكي تنبذ هذا الفكر وترميه في محارق التاريخ ولكي يعيش العالم وتعيش حبيبتي سورية بأمان وسلام إلى آخر الزمان.