تخيل من الخيال المحلق، فى يوم (١١ أغسطس الجارى)، سجلت الساعة السكانية زيادة فى عدد السكان فى مصر (ربع مليون نسمة) فى (الخمسين يومًا الأخيرة)، بمعدل زيادة يومية (٥ آلاف نسمة)، تقريبًا (٤ أطفال فى الدقيقة)!!.
إزاء رقم قياسى مفزع فى عدد المواليد، آخر رقم مسجل فى (٢٢ يوليو الماضى)، زيادة (ربع مليون نسمة) فى (٥٩ يومًا لا غير)، قبلها مباشرة وفى (٢٤ إبريل الماضى) زيادة (ربع مليون) فى (٦١ يومًا)، المعدل يزيد بوتيرة جنونية!!.
أرقام جد مقلقة، الساعة السكانية لا تكذب، وعقاربها تلدغ النائمين فى العسل المر، تدق مُحذِّرة من خطر الانفجار السكانى، علّهم يفيقون من الغفوة، لو مشينا بهذا المعدل.. ويلك يا وطن.
المهندس «مصطفى مدبولى»، رئيس الوزراء، بدا قلقًا فى مؤتمره الصحفى الأخير، محذرًا من مخاطر الزيادة السكانية الرهيبة، مصر الدولة تزيد دولة صغيرة سنويًّا، دولة عدد سكانها ما يفوق المليونين بكثير، ترجمة الأرقام فى نماذج وأمثال صعبة الاستيعاب، كيف هذا؟.
«مدبولى» محذرًا: «لن نشعر بعائد أى جهد يُبذل من قِبَل الدولة والحكومة مادامت الزيادة السكانية بالمعدلات الحالية».. صح كلامك، الأرانب ستأكل حشيشة الوطن الجافة!!.
الساعة السكانية بأرقامها الحمراء، أعلى بناية الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تدق عاليًا، تنذرنا، لقد كسرنا السقف، حاجز الـ١٠٠ مليون، تجاوزنا وصف الأزمة، فى الأزمة تكون هناك القدرة على التدخل ودرء آثارها، بينما فى الكارثة يكون التدخل فحسب لتخفيف الآثار الناجمة عنها، والأزمة قد تتطور عندما لا نعترف بوجودها ولا نتعامل معها بالشكل السليم، فإنها فى هذه الحالة تتحول إلى كارثة، بينما الكارثة تولد الأزمات.
وهذا ما يستشعره رئيس الوزراء، مصر بهذا المعدل فى الزيادة السكانية مقبلة على كارثة محققة، الساعة السكانية ليست للزينة والفرجة، والإشارة حمراء فى طريق المطار، ولكنها ناقوس خطر لينذر قومًا، فهم غافلون.
أخشى أن نصل يومًا إلى أرقام تفوق قدرة الدولة على الاستيعاب، ستجوع الأرانب فى جحورها، مواردنا جد محدودة، والرقعة الزراعية تتزايد بالتيلة، وتوليد فرص العمل بشق الأنفس، ومتوالية الجوائح والحروب تحش وسط الاقتصاد الوطنى، والدخل الوطنى تلتهمه الأفواه الجائعة.
يلزم استدعاء معادلة «أفواه وأرانب» فى الفيلم الشهير، فاتن حمامة «نعمة»، بُحَّ صوتها، ولا مجيب، وفريد شوقى «عبدالمجيد» سادر فى غيّه، فى سُكْره.. وبيخلِّف عيال، ربع مليون نسمة فى ٥٠ يومًا، أقرب لتحضير قنبلة سكانية ستنفجر فى وجوهنا جميعًا. «مدبولى» يرسم الطريق الآمن لتوقى الكارثة المحدقة: «نتكاتف معًا من أجل تنفيذ برنامج مدته ١٠ سنوات ترتكز أهدافه على ألّا يزيد عدد المواليد فى الأسرة الواحدة على طفلين فقط..».
الوصفة سهلة، ولكن دونها «خَرْط القتاد» كناية عن الشَّىءِ البعيدِ المستحيلِ، والقتادُ نوعٌ مِن الشَّجرِ الشَّوكى، الَّذى لا يُوصَلُ إليهِ إلَّا بعسرٍ ومشقَّةٍ، وخرطُ القتادِ يعنى خرط وإزالة شوكِهِ للوصولِ إلى ثمرِهِ.. وعن «خَرْط القتاد» اسألوا رجال الدين، جماعة تكاثروا!.
نقلا عن المصري اليوم
نقلا عن المصري اليوم