إعداد / ماجد كامل 
يمثل الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ أهمية كبيرة في تاريخ الأدب والثقافة المصرية ؛ فهو أول مصري وعربي يحصل علي جائزة نوبل في الآداب . أما عن  نجيب  محفوظ نفسه ؛ فلقد ولد في 11 ديسمبر 1911 من أسرة متوسطة ؛ حيث كان والده يعمل موظفا حكوميا ؛ ولقد تلقي تعليمه الأولي في الكتاب  ؛ وشهد في طفولته ثورة 1919 التي تركت في نفسه أكبر الأثر وأعمقه .ثم ألتحق بالجامعة حيث تخصص في دراسة الفلسفة ؛ وكان ذلك خلال الفترة من ( 1930- 1934 ) . ثم عمل موظفا حكوميا ؛ حيث عمل خلال عام 1938 سكرتيرا لوزير الأوقاف . وبعدها بدأ في اكتشاف مواهبه الأدبية  ؛ ولعل الفضل الأول في  اكتشاف موهبته الأدبية يرجع للكاتب الكبير الأستاذ سلامة موسي ( 1887- 1958 ) . لقد ذكر هو قصة كيف اكتشف سلامة موسي موهبته الأدبية ؛ ففي خلال عام 1938 قدم له نجيب محفوظ مسودة أحدي محاولاته الأولي في كتابة الرواية ؛ فقال له سلامة موسي " الرواية غير صالحة للنشر ؛ ولكن لديك موهبة جيدة ؛  فحاول مرة أخري ؛ فكرر المحاولة للمرة الثانية   فرد عليه بنفس  الرد ؛ وجاءته الفرصة في المرة الثالثة وكانت بعنوان " حكمة خوفو " فقال له الرواية فعلا جيدة وصالحة للنشر هذه المرة ؛ ولكني سوف أغير أسمها من " حكمة خوفو " إلي " عبث الأقدار " وبالفعل نشرت في " المجلة الجديدة " عدد شهر سبتمبر 1939 ؛ ثم توالت بقية روايته " رادوبيس " عام " 1943 " و"خان الخليلي " عام 1945 . ثم  تم نقله بناء علي طلبه    إلي مكتبة الغوري ؛ حيث أتيحت له فرصة أكبر للقراءة والإطلاع ؛ وأتيحت له داخل المكتبة  الاطلاع علي روايات "كونراد " و " شكسبير " و" إبسن " و "بروست " و" ستندال " .... الخ . 
 
وفي فترة الخمسينات شغل منصب  مدير الرقابة في مكتب الفنون ؛ بالإضافة إلي  منصب مدير مؤسسة دعم السينما  ؛ وكان آخر منصب يتولاه قبل خروجه للمعاش هو مستشار وزير  الثقافة . 
 
وفي خلال عام 1971 ؛  عرض عليه الكتابة  في جريدة الأهرام ؛ فحرص  علي كتابة مقال أسبوعي ؛ كما حرص علي مداومة الكتابة في عدد من الجرائد والمجلات الكبري . ولقد جاءه التكريم العالمي عندما حصل علي جائزة نوبل في الآداب عام 1988 ؛ كما حصل علي وسام من الجامعة الأمريكية عام 1989 ؛ وتم تكريمه كعضوا فخريا في الأكاديمية  الأمريكية للفنون والآداب . 
 
ولكن للأسف الشديد وسط كل هذا التكريم العالمي ؛ جاءته طعنة غادرة في رقبته خلال عام 1994 ؛ مما أثرت علي قدرته علي الإمساك بالقلم والكتابة ؛ غير أنه أستمر في إملاء مقالاته وأحاديثه لبعض أصدقائه المقربين . حتي توفي في 30 أغسطس 2006 عن عمر يناهز 95 عاما تقريبا . 
 
أما عن أشهر أعمال ورويات نجيب محفوظ ؛ ونظرا لكثرتها وتشعبها ؛ سوف نكتفي بذكر  عينة منها فقط :- 
1- في خلال عام 1932 ؛ قام بترجمة كتاب "مصر القديمة " Ancient Egypt للمؤلف الانجليزي جيمس بيكي . 
2- في خلال عام 1934 ؛ نشر عدة مقالات فلسفية في " المجلة الجديدة " . 
3- عبث الأقدار ( 1939 ) .
4- رادوبيس ( 1943 ) .
5- كفاح طيبة ( 1944 ) . 
6- القاهرة الجديدة ( 1945 ) . 
7- خان الخليلي (1946 ) . 
8- زقاق المدق ( 1947 ) . 
9- السراب ( 1948 ) . 
10- بداية ونهاية ( 1949 ) . 
11- الثلاثية (  بين القصرين – قصر الشوق – السكرية ) خلال  عامي 1956 – 1957 12-  أولاد حارتنا ( نشرت مسلسلة أولا في جريدة الأهرام خلال عام 1959 ؛ ثم نشرت مجمعة في كتاب  عن دار الآداب عام 1962  
13-اللص والكلاب ( 1961 ) .
14- السمان والخريف ( 1962 ) .
15- الطريق( 1964 ) .
16- الشحاذ ( 1965 ) .
17- ثرثرة فوق النيل ( 1966 ) .
وسوف نحاول في الفقرة لنا  الباقية من المقالة التعرف علي بعض جوانب فكر وإبداع  نجيب محفوظ ؛ فعن الأدباء الذين أثروا فيه كثيرا ؛ يذكر في مقال له نشر في " المجلة الجديدة " عدد شهر فبراير 1934 بعنوان " ثلاثة من أدبائنا "   حيث خص بالذكر ثلاثة أدباء كان لهم تأثير كبير عليه في حياته هم " عباس محمود العقاد – طه حسين – سلامة موسي " .
 يذكر لنا الناقد الأدبي  الكبير نبيل فرج في كتابه " أدب نجيب محفوظ " بعض القيم الإنسانية التي دعا اليها  نجيب محفوظ في أدبه  ؛ ولعل أول وأهم هذه القيم هي "حرية الرأي والتعبير " فلقد طالب أنه قد آن الآوان أن يدرك الذين يقرأون النصوص الأدبية علي غير وجهها الصحيح أن  الفن فن ؛ والأدب أدب ( الكتاب السابق ذكره ؛ صفحة 16 ) . 
كما أعلي نجيب محفوظ كثيرا من قيمة العقل في فكره وأدبه ؛ ويطالب  أيضا بقيمة التسامح أمام الرأي المختلف . 
ولقد آمن نجيب محفوظ أيضا بقيمة الأم ؛ وأعترف هو شخصيا بفضل أمه عليه كثيرا  ؛ وعن هذ الفضل كتب يقول "    اما عن أثر الأم في حياة اديبنا العالمي الكبير الاستاذ الراحل نجيب محفوظ (1911 – 2006)  "؛ فهي التي غرست فيه عشق التراث المصري القديم سواء كان التراث الفرعوني أوالقبطي أوالاسلامي وعن هذا الأثر كتب يقول " كانت أمي سيدة أمية لا تقرأ ولا تكتب ؛ومع ذلك كنت أعتبرها مخزنا للثقافة الشعبية ؛فلقد كانت تتردد علي حي الحسين بأستمرار ؛كما كانت دائمة التردد علي المتحف المصري ؛وكانت تحب قضاء أغلب الوقت في حجرة "المومياوات " ؛ثم إنها كانت بنفس الحماس تذهب لزيارة الاثار القبطية خاصة دير مارجرجس بمصر القديمة ؛ ومن كثرة ترددها علي الدير نشأت صداقة بينها وبين الراهبات ؛وكانوا يحبونها جدا . وذات مرة مرضت والدتي ولزمت الفراش ؛   ففوجئنا بوفد من الراهبات يزورها في البيت ؛ وفي ذلك اليوم حدث انقلاب في الشارع لأن الناس لم يعتادوا رؤية هذا المنظر من قبل ؛ والحقيقة أني تأثرت بهذا التسامح الجميل  لأن الشعب المصري لم يعرف التعصب " . 
وحول  مراحل تطور الرواية عند نجيب محفوظ ؛ يذكر الناقد الأدبي الدكتور بهاء عبد المجيد  أن نجيب محفوظ بدأ بالرواية التاريخية ممثلة في ( عبث الأقدار- كفاح طيبة –رادوبيس ) . ثم تأتي المرحلة الواقعية بعد ذلك ممثلة في ( زقاق المدق – بداية ونهاية – القاهرة  الجديدة ...... الخ ) . ثم تأتي المرحلة الملحمية ممثلة في ( الثلاثية – الحرافيش – أولاد حارتنا )  . والمرحلة الرابعة والأخيرة في أدب نجيب محفوظ هي المرحلة الرمزية الممتزجة بالصوفية ممثلة في روايات ( الشحاذ- اللص والكلاب – قلب الليل – ميرامار ) .
ولقد حددت الناقدة الأدبية نجلاء محفوظ سمات منهج نجيب محفوظ الروائي في أربعة محاور رئيسة هي :- 
1-الصدق الشديد مع النفس . 
 2-القدرة علي النفاذ إلي  أعماق النفس البشرية والغوص فيها بمهارة فائقة . 
  3-عدم إصدار الأحكام علي الناس أو تنصيب نفسه حاكما أو قاضيا . 
 4-البحث والدفاع باستماتة عن قيمتي العدل والحرية في  الحياة . 
بعض مراجع ومصادر المقالة :_ 
1- آرثر جولد شميث الأبن :-   قاموس تراجم مصر الحديثة ؛ المشروع القومي للترجمة ؛  الكتاب رقم ( 251 ) ؛ الصفحات من ( 639- 643 ) .
2- نبييل فرج :- أدب نجيب محفوظ ؛ الهيئة المصرية العامة للكتاب ؛ 2009 . 
3- بهاء عبد المجيد :- نجيب محفوظ وعالمه الروائي ؛ بوابة الأهرام .
4- نجيب محفوظ – ويكبيديا . 
5- نجلاء محفوظ :- محفوظ ... رائد الواقعية بالأدب العربي  ؛ مقال علي وقع swissinfo  1 سبتمبر 2006 .