حمدي رزق
إنما سُمى الجن جنًّا لاجتنانهم واستتارهم عن العيون، والجِنّ اسم جمع لكلمة «الجَانّ»، ومفردها «جِنِّىّ»، أو «جِنِّيَّة».
وفى القاموس، المذكر يسمى «جنى» والأنثى تسمى «جنية»، وهو من الفعل جَنَّ (بفتح الجيم وتشديد النون وفتحها).
والجِنّ مراتب، ويسمى الخبيث منهم شيطانًا، ومَن اشتدت قوته منهم عفريتًا، وجاء فى كتاب «آكام المرجان فى أحكام الجان»، قال ابن عبدالبر: «الجن عند أهل الكلام والعلم باللسان مُنزلون على مراتب، فإذا ذكروا الجن خالصًا قالوا: جنى، فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: عامر- والجمع عمّار وعوامر- فإن كان ممن يعرض للصبيان، قالوا: أرواح، فإن خبث وتعزَّم فهو شيطان، فإن زاد على ذلك فهو مارد، فإن زاد على ذلك وقوِىَ أمره، قالوا: عفريت، والجمع: عفاريت. والله أعلم بالصواب».
كان جدى «عبداللطيف» لطيف المعشر، ضَحُوكًا، وكان إذا شاكسه صغير، حَنِقَ عَلَيْهِ، ونهره بصوت زاعق وكأنه يدعو عليه: «جِنِّى لمّا يركبك»، فيخشى الصغير ويخاف، ويولى الأدبار مع الصغار، وقهقهات جدى فى أثره تطارده حتى يختفى من العفريت الذى أطلقه جدى فى قعر الدار.
وتفننت جدتى «روحية»، الله يرحمها، فى حكى الجن والعفاريت، وكانت دائمة الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وتؤمن بالجان والعفاريت، خاصة إناث العفاريت، الجِنِّيَّات، وتصنفهن بحسب خيالها الخصب: «النداهة» التى تكمن على شط «البحر الأعمى» وتنده الموعود، تخطفه ولا يعود، و«المزيرة» حاملة الزير، تدعوك لتروى عطشك، فإذا ما اقتربتَ احترقتَ، و«أم الشعور»، شعرها يفرد على فدان، و«جنية البحر»، عروسة ولا فى الأحلام.
وتركت جدتى الطيبة لجدى تهديد الصغار بـ«أبورِجل مسلوخة»، كنت أضحك كثيرًا وجدى يُخيف العيال الذين يلعبون الكرة أمام الدار بـ«أبورِجل مسلوخة»، لم أرَ هذا الرجل «أبورِجل مسلوخة»، ولكنه حاضر كعفريت من الجان فى ذاكرتى تمامًا وإلى الآن.
عطلة الأسبوع قضيتها ملبوسًا أتابع «جِنِّى» القنطرة غرب، بالإسماعيلية، جِنِّى جنِّن الفيس بوك، وتلبّس يوتيوب وعفرت تويتر، حتى ظهر على الـCNN بجلالة قدرها، تخيل «جِنِّى» مصرى صغيور يلبس كبريات المحطات العالمية!!.
وزارة الداخلية بلغها خبر «جِنِّى القنطرة» بتاريخ ٣٠ أغسطس الماضى، وأُبلغ مركز شرطة القنطرة غرب بقيام شخص بالسير عاريًا وفى حالة هياج، ويقوم بإلقاء الحجارة على المارة ممسكًا سكينًا.. وحال محاولة الأهالى تهدئته قام بالدلوف داخل مسكنه وإضرام النيران، على الفور انتقلت الأجهزة الأمنية إلى محل الواقعة، وأمكن السيطرة على الحريق المحدود.
وقطعت «الداخلية» قول كل ملبوس، وفى بيان أُبلغ إلى عموم الإنس والجان فى سالف العصر والأوان أنه لا صحة لما تم تداوله على بعض المواقع الإخبارية بشأن ظهور «جن» أعلى منزل أحد الدجالين أثناء احتراق المنزل بمحافظة الإسماعيلية.
بصراحة حاجة تجن الجن وتعفرت العفريت، يا مثبت العقل يا رب، الناس اتجننت، بالأحرى اتلبست، الفيس جنِّنهم، صاروا يهرفون، الجن الجن، العفريت.. العفريت.. حوافريت.. حوافريت!!.
جِنِّى الفضاء العقلى اخترق الفضاء الإلكترونى، صار عفريتًا، جِنِّى القنطرة غرب تعبير عن حالة مجتمعية تثير العجب، لم أغامر بمشاهدة فيديو الجِنِّى الموهوج نارًا لأن جتتى مش خلصانة، وأشتاتًا أشتوت على رأى جدتى زينات صدقى.. الله يرحمها، كانت ملبوسة بعفريت إسماعيل ياسين!!.
نقلا عن المصرى اليوم