هاني لبيب
حدث نوع من التراجع فى أداء وزارة الثقافة بهيئاتها ومؤسساتها.. خاصة فى ملفات هيئة قصور الثقافة والنشر والإنتاج الفكرى، وقبل ذلك كله عدم وجود استراتيجية ثقافية معلنة تتسق وتتواكب مع ما حدث فى مصر من تغيير جذرى بعد ثورة 30 يونيو تحديدًا.
ومثلما تم إلغاء وزارة الإعلام.. مازلت أطمح فى إلغاء وزارة الثقافة، وتحويل هيئاتها ومجالسها، على غرار المجلس الأعلى للثقافة والمجلس القومى للترجمة وهيئة قصور الثقافة، إلى كيانات مستقلة.
مؤخرًا بعد التغيير الوزارى الجديد، تم التجديد لبعض رؤساء القطاعات داخل أروقة الوزارة.. ممن تجاوزوا سن الستين.. فضلًا عن بقاء قيادات أخرى. وغالبيتهم إذا ما تمت مراجعة تقييمهم وأداء عملهم.. نجدهم لم يقدموا للمشهد الثقافى أى مبادرة أو إنجاز.. رغم بقائهم لسنوات طويلة فى مناصب المسؤولية. وما يترتب على ذلك من غياب العمل الثقافى.. خاصة فى الأقاليم والمحافظات.
التغيير فى قطاعات وزارة الثقافة المتعددة أصبح فرضًا وطنيًّا وجبت سرعة تنفيذه.. على اعتبار أن الوعى والثقافة يأتيان فى مقدمة أولويات الدولة فى ظل انتشار الأفكار المتطرفة والمتشددة فى الشارع المصرى، وهى جميعها أفكار ضد المواطنة وقبول الاختلاف والتسامح والتعددية والحوار، وضد الوطنية المصرية من الأساس.
ونموذج لما سبق، أتناول هنا بعض الأسئلة الشائكة لواحد من أهم قطاعات وزارة الثقافة، وهو الهيئة المصرية العامة للكتاب، المنوط بها طباعة الكتب.. خاصة لشباب الموهوبين، الذين لا يجدون فرصًا متاحة لنشر كتابهم الأول، كما أنها المنوط بها إقامة معارض الكتب، وفى مقدمتها معرض القاهرة الدولى للكتاب، الذى ستُعقد دورته الرابعة والخمسون فى نهاية شهر يناير القادم، بالإضافة إلى المشاركة فى المعارض الدولية للكتب.
يمكن تحديد تلك الأسئلة.. كالتالى:
1- ما سبب تراجع مطبوعات الهيئة إلى 150 عنوانًا فقط فى العام.. بعد أن كانت مطبوعاتها فى حدود 500 عنوان سنويًّا؟!.
2- ما سبب تراجع عدد المعارض الداخلية إلى أقل من ثلاثين معرضًا فى العام، بعد أن كانت تتجاوز تسعين معرضًا؟!.
3- ما سر ارتفاع سعر متر الأرض فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى ظل دعم كافة المعارض العربية للناشرين المصريين والعرب.. خاصة بعد جائحة كورونا، التى تسببت فى إغلاق وتوقف وتعثر العديد من دُور النشر؟!.
4- لماذا ليست لدينا خطة تنفيذية ثابتة لخريطة معارض المحافظات بشكل يضمن إقامة هذه المعارض فى مواعيدها، وتقديم خدمات وتخفيضات فى مختلف أرجاء مصر؟!.
5- ما سر استمرار إدارات السلاسل الثقافية على غرار: عالم الكتاب، والعلم والحياة.. منذ 5 سنوات بعيدًا عن اللائحة والقواعد التى أقرها رئيس الهيئة الحالى بنفسه حين تولى المسؤولية؟!.
6- وهل نجحت هذه السلاسل والمجلات فى تحقيق أهدافها وارتفاع نسب مبيعاتها أم أنها تطبع ألف نسخة لتبيع العشرات فقط، وتظل مئات النسخ فى المخازن حتى يتم بيعها بالكيلو لتجار الورق والكتب القديمة؟!.
7- ما خطة الهيئة المصرية العامة للكتاب لتطوير التسويق الإلكترونى.. خاصة أنها قد أعلنت منذ عامين تقريبًا عن إطلاق منصة تسويق.. كلفت ميزانية الدولة ملايين الجنيهات؟، وما نسبة ما حققته من مبيعات؟.
8- أين دور وزارة الثقافة، ممثلة فى الهيئة المصرية العامة للكتاب، فى دعم حركة النشر المصرية؟، وما دورها فى نشر الوعى والتنوير.. خاصة فى ظل وجود مشروعات سابقة ناجحة، مثل مكتبة الأسرة وغيرها؟.
نقطة ومن أول السطر..
بعد جائحة كورونا.. قامت العديد من معارض الدول العربية على غرار الرياض بالسعودية، والشارقة وأبوظبى بالإمارات، والبحرين، والرباط بالمغرب، وصالون الجزائر، بمنح أماكن العرض لدُور النشر مجانًا إسهامًا فى دعم نشر الكتب.. بينما تفكر وتدرس الهيئة المصرية العامة للكتاب حاليًا فى رفع قيمة الإيجار للناشرين لمعرض القاهرة القادم.. وهو ما يعنى أننا ندير عملية نشر الكتاب بمنطق عقلية تجار الجملة، وليس صُنّاع الوعى.
نقلا عن المصري اليوم