كريمة كمال
أتحدث هنا عن نادى عيون مصر، الذى قيل إنه أول فريق كرة قدم تابع للكنيسة، والذى أثار ضجة شديدة لدى كثيرين ممن لا يريدون تحويل كرة القدم إلى صراع طائفى، وفريق مسلم وفريق مسيحى، ولذلك فقد رفضوا إقامة هذا النادى.
وإذا ما تأملنا ما يقولون، سنتفق معهم فيه بشكل مبدئى، وإذا كان قد تم الرد على هذا الاعتراض بالقول بأن النادى مفتوح للجميع، فنحن نقول هنا وبشكل واضح: إن هذا القول غير صحيح تماما، فلائحة النادى فى المادة الثانية منها تنص على أنه يتم عمل متابعة روحية منظمة للأولاد من خلال النوتة الروحية التى يتم توزيعها على كل ولد، ولا يسمح بحضور التدريبات دونها.
وهذه النوتة تحتوى على جداول للصلاة والصوم والقراءات يتم التعرف من خلالها على مدى جدية الولد فى أداء الصلوات وحضور القداسات.. إذًا الأمر مرتبط بالعبادة، والقول بأن النادى مفتوح للجميع غير صحيح، إذًا هذا ناد مسيحى تابع للكنيسة ومقصور على المسيحيين فقط.. هل هذا طائفى؟.. نعم، هذا طائفى.. لكن لماذا كانت الفكرة من الأساس؟!.
ليس هناك من لا يعلم أن هناك إقصاء للمسيحيين واستبعادًا فى المجال الرياضى فى مصر، خاصة كرة القدم، لدرجة أن الكابتن هانى رمزى يكاد يكون الاستثناء الوحيد، وطبعا الناس كلها تعلم هذا، والكنيسة بالطبع تعلم هذا، ولهذا فقد فكرت فى حلٍّ لهذه المشكلة الطائفية بعمل نادى كرة قدم تابع لها، وربطت ذلك بالعبادة، فهل هذا هو الحل الصحيح؟.
لا أعتقد أن هذا هو الحل الصحيح، فهذا الحل يعمّق الطائفية أكثر ولا يقضى عليها كما تصورت الكنيسة، والحل الصحيح كان يجب أن يكون بالتصدى للطائفية الموجودة فى القطاع الرياضى والقضاء عليها.. الحل كان بالتوقف أمام أى حالة يتم فيها رفض أى لاعب من منطلق دينى.
والواقع أن هذا ليس دور الكنيسة بل دور المجتمع المدنى الذى يجب أن يتدخل ليوقف مثل هذه الطائفية ويتصدى لها.. يجب أن يتوقف دور الكنيسة على تقديم الخدمات الروحية، أما مشاركة المسيحيين فى كافة المجالات، فيجب أن تترك للدولة والمجتمع المدنى لإرساء المواطنة وقواعدها والتصدى لأى حالة فتنة تلوح فى الأفق.
وأنا هنا أتساءل: أين مفوضية التمييز التى نص عليها الدستور؟ نحن بحاجة ماسة إلى هذه المفوضية التى يمكنها أن تتصدى لهذا التمييز الطائفى الذى يرعى فى المجتمع المصرى.. لا نريد أن تكون الكنيسة وكيلا عن المسيحيين فى كل شؤونهم، فهذا يحولهم إلى طائفة، ونحن لا نريد دولة طوائف، ولا مجتمعا مقسما على أساس الهوية.
نعم، وجدت الكنيسة شكوى من استبعاد المسيحيين من الرياضة ومن كرة القدم بالذات، وقد قرأنا كثيرا عن أطفال تم استبعادهم وقبلوا فى أندية كبيرة فى الخارج، فقررت الكنيسة أن تحل المشكلة بهذه الطريقة، بينما كان لابد لوزير الشباب والرياضة الذى رحب بالنادى أن ينتبه إلى خطورة وجود ناد مسيحى، نتيجة للخطورة الأكبر وهى الطائفية ضد المسيحيين فى النوادى المصرية، وبالذات فى كرة القدم، ويتدخل ليوقف مثل هذا التمييز كدولة حريصة على أعمال المواطنة.
قال أحدهم على الـ«فيسبوك» إن هذا قد بدأ منذ أن تم تحويل اسم المنتخب المصرى لكرة القدم من منتخب الفراعنة إلى منتخب الساجدين.. وها نحن نجد فريقا تابعا للكنيسة، فهل نسعى لتقسيم أولادنا إلى فريقين: فريق مسلم وفريق مسيحى؟ هل نسعى لتجذير الانقسام والتمييز أم أننا نسعى لمجتمع متجانس ومتوحد على أساس من الهوية المصرية ليس إلا؟!. نحن هنا نربى جيلا قادم.. فهل نكون أكثر حرصًا؟!.
نقلا عن المصري اليوم