إبراهيم محلب
كلما قرأت خبرًا عن حريق سببه ماس كهربائى فى منشأة عامة أو خاصة أو فى وحدة سكنية أو إحدى دور العبادة أو مصنع، يتبادر إلى ذهنى فورًا تفسير كلمة «الماس الكهربائى».
إن الماس الكهربائى لا يعدو أن يكون خطأً فنيًا، نتيجة لعدم دراية الفنى أثناء التركيب أو التشغيل أو الصيانة بشبكة الكهرباء أو الأجهزة التى سببت الماس ثم الحريق.
عدم الدراية بأصول الصناعة فى التوصيلات أو استخدام كابلات أو أسلاك غير مطابقة للمواصفات أو مفاتيح كهربائية صنعت تحت بير السلم بلا رقابة.. وعلى سبيل المثال وليس الحصر كم من حرائق سببتها أجهزة التكييف تم تركيبها فى الوحدة السكنية وعندما يتم تشغيل هذه الأجهزة كلها فى وقت واحد يحدث ما لا تحمد عقباه، نتيجة لعدم دراية الفنى بالمواصفات وأسس التركيب الصحيحة فى تحمل الشبكة أو مفاتيح التشغيل، وعدم إتقان الحرفى والمهنى لقواعد المهنة، مما يتسبب فى كوارث كبيرة.. وكم من ملايين الجنيهات والعديد من الخسائر البشرية والمادية أهدرت لأخطاء فنية أو سوء مصنعية أو لخطأ فى اختيار المواد، مما يسفر عنه كوارث وحوادث خطيرة تكلف الدولة الكثير.
نسمع كثيرًا عن انفجار شبكة المياه الداخلية أو انسداد شبكة الصرف الصحى داخل الوحدات السكنية، مما يؤدى إلى خسائر كبيرة فى الأثاث، وتشطيبات الوحدة السكنية.. والسبب أيضًا عدم الدراية الفنية وعدم الاحترافية.
التعليم المهنى والفنى هو طوق النجاة لشبابنا، فمصر تحتاج لعشرات الآلاف من الكفاءات الفنية، من الحرفى، إلى الفنى، إلى التكنولوجى فى المشروعات العملاقة المنتظرة، مثل مجمع النسيج والمصانع التى ستبنى- بإذن الله- بالمنطقة الاقتصادية فى قناة السويس وأعمال الصيانة للمنشآت الحديثة والذكية فى المدن الجديدة والعاصمة الإدارية، والعديد من المشروعات الكبرى التى تحتاج لمئات من الفنيين فى مختلف المهن الفنية وأعمال الصيانة وكوادر فنية عالية، فالتعليم المتميز سيوفر جيلًا قادرًا على جذب الاستثمارات الخارجية.. فلننظر إلى صناعة السيارات التى انتقل جزءٌ كبيرٌ منها من فرنسا إلى المغرب لتوافر الأيدى العاملة المدربة، ونحن على مشارف انطلاقة كبيرة إن شاء الله للتنمية فى بلدنا الحبيب.
إن الأيدى العاملة المصرية المتميزة ذات القدرات الفنية ستكون لها فرص كبيرة فى الخارج سواء المنطقة العربية أو خارجها.. وبالتالى ستكون مصدرا مهما لتحويلات العملة الصعبة والمؤثرة جدًا فى التنمية.. ويكفى النظر لدولة مثل الفلبين ومدى الفرص التى أتاحها التعليم الفنى الجيد لشبابهم فى كل المجالات فى الحصول على فرص العمل حتى فى الدول الأوروبية.
يجب أن نعلنها صراحة بأن يكون التعليم الفنى بكل درجاته من الحرفى إلى التكنولوجى مشروعًا قوميًا ترعاه الحكومة والمجتمع المدنى، ولابد من إقرار استراتيجية للتعليم الفنى يُوضع أساسها من خلاصة التجارب العالمية والمحلية الناجحة، على أن تطبق بشكل واضح فى جميع المستويات المختلفة، بداية من التعليم الأولىّ ثم التعليم المتوسط والعالى، وهى التى سوف تهدف فى النهاية إلى توافر المهن المتخصصة ذات الكفاءة فى أداء جميع التطبيقات التكنولوجية التى تحقق المهارة اللازمة لتحقيق الطفرة الفنية والصناعية للمساهمة فى بناء الجمهورية الجديدة.
نقلا عن المصرى اليوم