مدحت بشاي
أعتقد أن عبارة «إما نحن للمسيح.. أو للعالم» التى أطلقها الأب المفكر العظيم «متى المسكين» هى العبارة الأهم التى نأمل أن يرفعها رموز الكنيسة وقادتها وخدامها كشعار للتركيز فى العمل الروحى والتوعوى والكنسى، ومن هذا نتحقق عمق ما تحويه وصية السيد المسيح «أعطوا إذاً ما لقيصر لقيصر وما لله لله» (مت 22: 21)، ويتبين قصده من الفصل بينهما..
فقيصر سيظل إلى الأبد رمزاً للسلطان الزمنى والله لسلطان الروح، ولا يمكن أن نخدم الواحد بالآخر..
إن خلط الدين بالسياسة وممارسة رجال الدين للسياسة دون معرفة ودراية كافية ودربة وتخصص لأمر بالغ الخطورة ولابد أن تبعاته وخيمة على المجتمع بشكل عام وعلى الأجيال الطالعة بشكل خاص.. وهل كان رجل الدين المسيحى مؤهلاً سياسياً لتمثيل ملايين المسيحيين ليقرر التنازل عن حق التبنى عند مشاركته فى كتابة الدستور ما دام ليس ثمة ما يمنع التمتع بهذا الحق؟.. فنعيش أزمة الطفل شنودة ويتعاطف معه الملايين من شعبنا ونتابع المطالبات بعودته لحضن التبنى الجميل..
كما عايشنا فى الأيام القليلة الماضية حدوتة حول قرار سياسى بإصدار كنسى إنشاء فريق كروى تابع للكنيسة المصرية «عيون مصر».. «إحنا هنكون موجودين فى كل شارع وحارة ومركز شباب، هدفنا الحقيقى والوحيد إننا نصنع جواهر كروية جديدة للمنتخب المصرى وللكرة المصرية». . بتلك الاستراتيجية كشف القس جرجس شفيق مسئول نادى عيون مصر- تحت التأسيس- ملامح المرحلة المقبلة للصرح الرياضى..
وفى المقابل أكد الدكتور محمد فوزى، المتحدث باسم وزارة الشباب والرياضة، أن الوزارة تتعاون مع الكنيسة والأزهر كمؤسسات مصرية، على صعيد الأنشطة الرياضية والشبابية، ولكن القانون يمنع تأسيس نادٍ على أساس دينى...ونفى «فوزى» وجود أوراق وصلت لوزارة الشباب والرياضة بإشهار ناد تحت اسم «عيون مصر»..
وأتذكر بالمناسبة تعليق لقداسة البابا شنودة الثالث وتوجيه للتنفيذ أثناء زيارة له لإحدى كنائس حى مصر الجديدة بتحويل قطعة أرض تابعة للكنيسة إلى ملعب لكرة القدم وأبدى اندهاشه لانتظارهم التوجيه.. لقد ظل قداسته حريصاً على قضاء الأطفال والشباب الوقت الأكبر داخل أسوار الكنائس بتصور تنمية الوازع الروحى والإيمانى والسلوكى لدى الشباب وتعميق الانتماء والولاء للكنيسة، وقد كان لتلك الحالة من التقوقع تشكيل حالة من الانفصال والابتعاد عن المشاركة الاجتماعية والسياسية مع أقرانهم من أبناء الوطن، وهو ما فطن إليه الشباب الكنسى مع تصاعد حالة الغضب الشعبى إبان ثورة 25 يناير، فقفزوا من أعلى الأسوار ليشكلوا مع أبناء الوطن حالة بديعة من الاندماج الوطنى فى رحاب الوطن العظيم، والتى تأكدت روعتها إبان ثورة 30 يونيه المجيدة..
وإلى أصحاب افتكاسة الكرة المسيحية أذكرهم بأن بطاركة حقب العمل الاجتماعى والإنسانى الرائعة، كان الشباب يمارس كل الأنشطة التنويرية والتقدمية والسياسية عبر دفع الشباب لتشكيل جمعيات ومؤسسات للمجتمع المدنى بعيداً عن المؤسسات الروحية والدينية ليمارسوا هم الفعل السياسى ولا تمثلهم الكنيسة صاحبة السلطان الروحى العظيم..
نقلا عن الوفد