صدمات الطفولة قد تشمل الإهمال العاطفي أو الجسدي أو الاعتداء العاطفي أو الجنسي قبل سن 18
كشفت نتائج دراسة جديدة أنه يمكن أن تتحسن أعراض البالغين المصابين باضطراب اكتئابي ولديهم تاريخ من صدمات الطفولة بعد تلقي العلاج الدوائي أو العلاج النفسي أو العلاج المركب، وفقا نشره موقع "نيورو ساينس" Neuroscience News.
وتشير نتائج الدراسة الجديدة، التي أجرتها اختصاصية علم النفس الهولندية إيريكا كوزمينسكايت وفريقها البحثي، والتي نُشرت في دورية The Lancet Psychiatry إلى أنه خلافًا للنظرية الحالية، فإن أنواع العلاج الشائعة لاضطراب الاكتئاب الشديد ثبت أنها فعالة للمرضى، الذين يعانون من صدمات الطفولة، التي تشمل الإهمال العاطفي أو الجسدي أو الاعتداء العاطفي أو الجنسي قبل سن 18.
صدمات الطفولة
وتمثل صدمات الطفولة عامل خطر يؤدي إلى تطوير اضطراب اكتئابي كبير في مرحلة البلوغ، وغالبًا ما ينتج عنها أعراض تظهر في وقت مبكر، وتدوم لفترة أطول وأكثر تكرارا، مع زيادة خطر الإصابة بالأمراض.
وأشارت الدراسات السابقة إلى أن البالغين والمراهقين المصابين بالاكتئاب وصدمات الطفولة كانوا أكثر عرضة بنحو 1.5 مرة لعدم الاستجابة أو الإحالة بعد العلاج الدوائي أو العلاج النفسي أو العلاج المركب، من أولئك الذين لا يعانون من صدمة الطفولة.
وتقول الباحثة إيريكا كوزمينسكايت إن الدراسة الجديدة "هي الأكبر من نوعها التي تبحث مدى فعالية علاجات الاكتئاب للبالغين المصابين بصدمات في مرحلة الطفولة، وهي أيضًا أول دراسة لمقارنة تأثير العلاج النشط مع حالة التحكم بين هذه الفئة من مرضى الاكتئاب".
29 تجربة سريرية
وتضيف اختصاصية علم النفس كوزمينسكايت أن حوالي 46% من البالغين المصابين بالاكتئاب لديهم تاريخ من الصدمات في مرحلة الطفولة، وبالنسبة لمن يعانون من الاكتئاب المزمن فإن معدل الانتشار أعلى من ذلك. لذلك من المهم تحديد ما إذا كانت العلاجات الحالية المقدمة لاضطراب الاكتئاب الشديد فعالة للمرضى الذين يعانون من صدمات الطفولة.
واستخدم الباحثون بيانات من 29 تجربة سريرية للعلاج الدوائي والعلاج النفسي لاضطراب الاكتئاب الشديد لدى البالغين، والتي تغطي 6830 مريضًا كحد أقصى.
شدة الأعراض
وتماشياً مع نتائج الدراسات السابقة، أظهر المرضى الذين يعانون من صدمات الطفولة شدة أعراض في بداية العلاج أكبر من المرضى الذين لا يعانون من صدمات الطفولة، مما يبرز أهمية أخذ شدة الأعراض في الاعتبار عند حساب آثار العلاج.
والمثير للانتباه أنه على الرغم من أن مرضى صدمات الطفولة أبلغوا عن المزيد من أعراض الاكتئاب في بداية العلاج ونهايته، إلا أنهم شهدوا تحسنا مماثلا في الأعراض مقارنة بالمرضى الذين ليس لديهم تاريخ إصابة في الطفولة.
البحث المستقبلي
وتوضح كوزمينسكات أن "النتائج يمكن أن تمنح الأمل للأشخاص الذين عانوا من صدمة في مرحلة الطفولة. ولكن تبقى هناك حاجة لمزيد من الاهتمام السريري للتعامل بفاعلية مع الأعراض المتبقية بعد العلاج في المرضى الذين يعانون من صدمات الطفولة".
وتقول كوزمينسكايت: "لتوفير مزيد من التقدم الهادف وتحسين النتائج للأفراد الذين يعانون من صدمات الطفولة، فإن البحث المستقبلي ضروري لفحص نتائج العلاج طويل الأمد والآليات التي من خلالها تمارس صدمة الطفولة آثارها طويلة الأمد".
الأداء اليومي
ومن جانبه، كتب أنطوان يروندي، من جامعة "تولوز" بفرنسا والذي لم يشارك في الدراسة، تعليقًا قال فيه: "ربما تسمح نتائج الدراسة بتوصيل رسالة تبعث على الأمل للمرضى الذين يعانون من صدمات الطفولة بأن العلاج النفسي القائم على الأدلة والعلاج الدوائي يمكن أن يساعد في تحسين أعراض الاكتئاب".
وأضاف: "لكن يجب على الأطباء أن يضعوا في اعتبارهم أن صدمة الطفولة يمكن أن ترتبط بسمات إكلينيكية ربما تزيد من صعوبة الوصول إلى علاج كامل الأعراض، والتي يكون لها بالتالي تأثيرًا على الأداء اليومي".