د. أمير فهمى زخارى المنيا
درسنا في الكتب المدرسية أن مصر تمتلك ثلث آثار العالم، لكن ماذا نعرف من هذه الآثار؟ وماذا نعرف عنها؟ هل تعلم أن هناك مناطق أثرية غير الأهرامات وأبي الهول؟ لذلك سنأخذك بهذا المقال إلى سحر العالم القبطي القديم.
حيّ مصر القديمة، من المناطق الغنية بالآثار مثل جامع عمرو بن العاص والمعبد اليهودي وحِصن بابليون، يُطلق على هذا الحيّ أيضاً مصر القبطية لكثرة الكنائس والآثار القبطية به.
حصن بابليون
تنزل من المترو في محطة مارجرجس إلى قصر عظيم - حصن بابليون - بُنِيَ هذا الحصن في القرن الثاني الميلادي بأمر من الامبراطور الروماني تراجان.
يُقال ان اسم بابليون مرتبط بالاسم القديم "بر-حابي-ان-ايونو" و هو بيت الإله حابي إله النيل في هليوبوليس مما يثبت أن النيل كان يمر بذلك المكان. يحتضن الحصن برجان، تقع فوق احدهما الكنيسة المعلقة.
تعد «السبع كنائس» بمصر القديمة، من الكنائس الأثرية التي يأتي إليها المسيحيون وغير المسيحيين من دول العالم لزيارتها، فهي تمثل نوعا من السياحة الدينية بمصر، كما تشمل السبع كنائس على:
1- الكنيسة المعلقة
تقع الكنيسة المعلقة في حي مصر القديمة، حيث سميت بالمعلقة لأنها بنيت على برجين من الأبراج القديمة للحصن الروماني (حصن بابليون) الذي بناه الإمبراطور «تراجان» في القرن الثاني الميلادي، كما تعتبر أقدم الكنائس في مصر.
بُنِيَت الكنيسة المُعلّقة على أنقاض مكان احتمت فيه العائلة المقدسة “السيدة مريم العذراء، المسيح الطفل والقديس يوسف النجار”، وهي إحدى محطّات رحلة العائلة المقدّسة فى أثناء السنوات الثلاث التى قضتها العائلة فى مصر هروبًا من “هيرودس” اليهودى ، حاكم فلسطين آنذاك، والذي كان قد أمر بقتل الأطفال تخوّفًا من نبوءة وردته وأشارت إلى خطّر يهدّد الدولة الرومانية ويتمثّل فى طفل سيولَد فى بنى إسرائيل.
كان البطريرك “خريستودولوس” هو أول من اتخذ الكنيسة المعلقة مقرًّا لبابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وقد دُفِن بالكنيسة عدد من البطاركة فى القرنين الحادى عشر والثانى عشر، وما زالت لهم صور وأيقونات بالكنيسة تضاء لها الشموع.
حدث في هذه الكنيسة معجزة كبيرة، حيث طلب الخليفة المعز لدين الله الفاطمي من البطريرك ابرام السرياني إثبات آية في الإنجيل تقول: " لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل، ولا يكون شيء غير ممكن لديكم" (جبل المقطم) ومنحه ثلاثة أيام لتنفيذ ذلك. تقول الرواية الدينية أن مريم العذراء ظهرت للبطريرك في صباح اليوم الثالث، أخبرته بأن يخرج ليرى رجلاً يحمل جرة ماء وسيكون هو المُختار لتنفيذ المعجزة. وعند تنفيذه لوصية العذراء وجد سمعان الخراز فكلمه بما حدث فطلب الخراز من البطريرك أن يبقى بين الشعب في يوم نقل الجبل ومن هناك سوف يقوم بالصلاة بينما يقوم البطريرك برسم علامة الصليب. وتم ذلك كما قال حيث وقعت زلزلة عظيمة وتحرك الجبل حتى بانت الشمس من تحته.
لذلك ستجد أن الكنيسة بها بعضاً من الطراز الإسلامي، لأن الخليفة المعز لدين الله أمر بترميم الكنيسة فرُمِّمَت بالطراز الإسلامي. وهناك أيضاً عمود وحيد في الكنيسة مرسوم عليه السيدة مريم حيث يُعتقد أنها ظهرت للبطريرك عنده.
2- كنيسة أبي سرجة
تقع كنيسة أبى سرجة الأثرية أو كنيسة الشهيدين سرجيوس وواخس بمجمع الأديان بالقاهرة القديمة, داخل حصن بابليون بالقرب من معبد بنى عذرا اليهودى.
وشيدت كنيسة أبى سرجة الأثرية أو كنيسة الشهيدين سرجيوس وواخس فوق المكان الذي أقامت فيه العائلة المقدسة أثناء رحلة الهروب وبها مغارة الهروب عند الهيكل.
وبنيت الكنيسة على الطراز البازليكى المعتاد مستطيل شكل بطول 27م عرض 17 م وهوة صحن رئيسى. يبلغ ارتفاع الكنيسة ككل حوالي 15 م من الداخل الصحن الرئيسي دور واحد بالارتفاع كله أما المماشي الجانبية فمكونة من طابقين، والمدخل الرئيسي للكنسية يقع بالناحية الشمالية الغربية ولكنه غير مستخدم والمداخل الثانوية غير مستخدمة أيضا ولكن المستخدم الآن هو مدخل في آخر الحائط الغربي.
3- كنيسة القديسة بربارة
تقع هذه الكنيسة فى الجانب الشرقى لحصن بابليون خلف دير مار جرجس بحارة القديسة بربارة بالقرب من شارع المعبد اليهودى، وتقع تحت مستوى الأرض بحوالي المتر وأربعين سنتيمتر؛ ويرجع تاريخها إلى أواخر القرن الرابع وبداية الخامس الميلادي.
وتؤكد المصادر القديمة، وخاصة تاريخ أوتيكيوس الذي كان بطريركا ملكيا في الإسكندرية (877-940)، تشير بأن الكنيسة قد بناها كاتب عبد العزيز بن مروان حاكم مصر ما بين عامي 685 و705. وكانت قد كرست لتكريم القديس سير (باكير).
وتعرضت الكنيسة للهدم في سنه 718هـ / 1318م، ومما دفع المسيحيين بمطالبة الناصر محمد بن قلاوون بإعادة إعمارها، فأذن لهم في ذلك فعمروها أحسن مما كانت عليه، وذلك قبل أن يتم هدمها مرة أخرى.
بنيت واجهات هذه الكنيسة من الحجر والآجار معا وهي ذات بناء مرتفع مستطيل الشكل طوله 26 مترًا وعرضه 14.5 مترا وارتفاعه 15 مترا تقريبا.
وأحيط جزء من الجناح الشمالي مع كل الرواق بحائط ليمكن استخدامه كممر إلى الكنيسة وإلى حجرات المعيشة وليتحول الرواق إلى منظرة تماثل في عرضها عرض الصحن.
4- كنيسة السيدة العذراء قصرية الريحان
تأسست الكنيسة في القرن الخامس الميلادي، وأعيد بناؤها في القرن التاسع الميلادي على اسم السيدة العذراء مريم والدة الإله.
وتذكر المراجع القديمة والمخطوطات الموقوفة على الكنيسة أن مكان هذه الكنيسة يقع في درب التقه زقاق بنى الحصين نسبة إلى حصن بابليون الذي تقع داخله هذه الكنيسة.
أما موضوع "قصرية الريحان" الذي تَشْتَهِر به هذه الكنيسة العامرة، فإن المخطوطات القديمة تذكر أن أحد أراخنة الأقباط في عصر الدولة الطولونية وقع عليه ظلمٌ بَيِّن، فَتَشَفَّع بالسيدة العذراء مريم فاستجاب الله وَرَدَّ مالهُ الذي اغْتُصِبَ منهُ، فنذر أن يبنى بَيْعَة لله على اسم السيدة العذراء، فظهرت له أم النور في حلم وأنبأته عن موقع الكنيسة الحالي، وأوضحت له هذا المكان بعلامة مميزة ألا وهى أصيص به نبات الريحان العطر(قصرية ريحان)، وفعلًا ذهب إلى المكان فوجد هذا الأصيص ذي النبات زكى الرائحة فبنى بيعة جميلة في هذا المكان، وزيَّن نوافذها برسم يمثل قصرية الريحان باستخدام الزجاج المعشق الذي اشتهر به المصريون.
حُرِقَت الكنيسة عام 1979 م.، وأُغْلِقَت سنوات طويلة، إلى أن تم إعادة تجديدها وترميمها وافتتاحها سنة 2002 م.
5- كنيسة العذراء الدمشيرية
بنيت الكنيسة فى القرن السابع الميلادي ضمن مجموعة كنائس دير أبي سيفين وقد ورد ذكر هذه الكنيسة في كتاب المقريزي؛ حيث يروي أن كنيسة الست مريم المجاورة لكنيسة الأنبا شنودة في مصر قد هدمت عام 785م على يد والي مصر علي بن سليمان بن عبد الله بن عباس، (من قبل أمير المؤمنين الهادي)، وقد أعيد بناؤها في عصر الخليفة هارون الرشيد.
وقد صرح الوالي ( موسى بن نصير) للنصارى بتجديد الكنائس التي هدمها الوالي السابق وتم ذلك في 786م – 809م، مما يعني أن هذه الكنيسة كانت قائمة قبل القرن الثامن.
وسميت هذه الكنيسة بالدمشيرية نسبة إلى أحد أعيان القبط من بلدة دمشير في محافظة المنيا، كان يمر بمشكلة كبيرة وتشفع بالقديسة مريم أن تتدخل وتقوم بحلها وهو سيقوم بترميم الكنيسة بالكامل؛ وبالفعل حلت له السيدة العذراء مشكلته، وتولى بعد ذلك ترميم ما تصدع من بنيانها في القرن الثامن عشر حوالى 1760م.
6- دير مار جرجس للرهبات
يتردد الكثير على دير مار جرجس للرهبات من أجل الشفاء من أمراض عديدة تشفعا بصاحب الدير كما يتصدر مدخله تمثال محفور على الحجر لمار جرجس وهو يقتل التنين بحربته.
ويتكون هذا الدير من قاعة مستطيلة بواسطة حجاب من خشب الخرط إلى مربعين، ويؤدى إلى أولهما مدخل فى الطرف الجنوبى يغلق علية مصراعان خشبيان عاديان يفضى إلى رحبة صغيرة مربعة تتصدرها صورة فسيفسائية للشهيد مار جرجس ممتطيا صهوة جواد وفى يدة اليمنى مما يطعن بة التنين.
بينما يوجد إلى الشرق باب أخر يؤدى إلى قاعة أستقبال بسيطة ليس فيها سوى ست نوافذ أعلا جداريهما الشمالى والجنوبى يتقدم ضلعها الشمالى حجاب من خشب الخرط يتوسطة مدخل يفضى إلى المزار الدينى، وتتوسط ضلعها الجنوبى حنية صغيرة أعدت للشموع التى يضيئها الزوار.
7- كنيسة مار جرجس
شيدها الكاتب الثرى أثناسيوس عام 684 ميلادية ، وتعد من أجمل كنائس الحصن الرومانى «حصن بابليون»، وتعرضت الكنيسة للحرق ولم يبق منها سوى غرفة تُدخل من باب خارجي، هذه الغرفة تُسَمّى غرفة التعذيب يرجع تاريخها الى القرن الرابع عشر. لأنها مليئة بصور وآلات تعذيب السيد المسيح والقديس مار جرجس والتي تكاد تصرخ بالألم.
عجلة تشبه دفة السفينة يبرز من جميع أنحائها مسامير مسننة يدفعها رجل بدم بارد على جسد الشهيد مار جرجس، صورة تقشعر لها الأبدان تراها عند دخول غرفة التعذيب، هذا بخلاف آلات التعذيب الموجودة في انحاء الغرفة مثل: الصليب والمسامير الثلاث التي دُقّ بها المسيح في الصليب وإكليل الشوك، كما يمكنك أن ترى الكثير من رسائل الشكر لمار جرجس لنجاح اصحابهم. داخل غرفة التعذيب غرفة أخرى صغيرة تشبه الكهف بضع درجات تحت الارض، مليئة بلوح مكتوب عليها كلاماً باللغة اليونانية و بين اثنين منهم ترى ثقب في الحائط به ورق أمنيات صغيرة.
ياريت نزور تلك الأماكن الأثرية المقدسة ..للأسف كنوز لا نعرف قيمتها ..
د. أمير فهمى زخارى المنيا