بقلم: جيهان خضير
عقل صاحبه ، فقد استخدمه قبل السادات الكثيرين من القادمين الينا ليحكمونا ، ربما كان العذر لهم أن المصرية لا تجري في عروقهم ، ولكن شهوة الحكم جعلته يدفع بالبلاد الي هذا الشر المستطير ، ويزج بنا في الصراعات الدولية وننغمس في الصراعات الطائفية والتي أخذتنا بعيدا بعيدا عن مشوار الحرية الذي نكابد من أجله .
لم تمضي سنوات قليلة حتي يرحل عنا ، ولكنه ترك لنا مساحات من الغوغائية لا حدود لها ، دفع هو أولا ثمنها ، لكي تستمر معنا الي اليوم ولكي تستمر الدماء تنزف منا ، ليس في سبيل الحرية والنضال في هذه المرة ، ولكنها كانت نيران الجهل والتخلف وكراهية المختلف عنا عقائديا وبغضة لا حدود لها .
لم يمنعنا قط كل هذا الغثاء عن الاستمرار في رحلة النضال من أجل الحرية ، ويأتي الينا رئيس ثالث بدأ بداية لم يستطع الاستمرار فيها كثيرا مثل سابقيه ، وتستمر أيام النضال والكفاح من اجل حياة كريمة تعثرت كثيرا في الوصول الينا ، أيقنا ان العيب ليس فقط في هؤلاء الحكام ، وانما كان الجهل والتعصب قد ضربت جذورهما في أرض هذا الوطن المنكوب ، أستمرار التواطؤ مع التخلف ، وتوحش تيارات الاسلام السياسي وتلاعبها كثيرا بمقدرات هذا الوطن ، أخذ منا الكثير ولن يعطينا شئ ، ففاقد الشئ لا يمكن أن يعطيه لأحد ، الذين يفضلون العيش في الاوهام هم من ينتظروا من هؤلاء شئ .
وتعيش البلاد علي امل جديد وفجر يوم تأتي الينا شمس الحرية ، وتستمر رحلة البذل والعطاء وتتدفق الدماء الذكية علي أرض مصر ، لعله اليوم الموعود وخلاص الشعب من سطوة الجهل والتخلف ، وتوهمنا مرة أخري أن القادم سيكون أفضل ، فقد قدمنا كل غالي من أجل هذه اللحظة ، وهاهي اللحظة الكاشفة لنا ان حلم الحرية والوطن العادل قد سرق ، وعادت قوي الظلام التي كانت تعبس في الظلام ، لكي تلهو في وضح النهار بلا اي خجل من ماضي اسود حالج ، ولما لا وقد وجدوا من يروج لهم ويقدم لنا الظلام علي انه النور .
كيف لوطن قتلت فيه حرية الفكر والابداع أن يري شمس الحرية تشرق في سمائه ؟ ونحن نعيش في ظلام الجهل والتعصب والطائفية المتوحشة ، منظومة شوهت عقول أبناء وطن بائس عبر تعليم تم تديينه ، وأصبح ساحة خصبة لكل هذه التيارات الظلامية ، ومفرخا لأجيال من الظلاميين ، تراجع معها الوطن كثيرا ، وتراجعت قدرتنا علي ملاحقة الامم الناهضة وشعوب علمناه خطوات السير ، ابتعدت عنا لمسافات ، هل نصدق أن مصر بكل هذا الثقل التاريخي تنتظر ان تمن عليها دويلة لاتزيد مساحتها عن مساحة حي شبرا ، مصر التاريخ والحضارة تمد يدها بعد ان كانت هي سلة حبوب أمبراطورية كاملة ، ولما لا وقد استمرت سنوات النهب الي يومنا هذا والظلام الدامس يحيط بنا من كل جانب .
كيف نتحدث عن حرية الفكر والمعتقد في ظل كل هذه المساحة الشاسعة التي سطا عليها تيار ظلامي يرفض قدوم النور الي بلادنا ؟ يهلل لكل جهل ويحارب اي مساحة للعلم .
لم يكن التعليم في بلادي كان سبب البلاء ، بل كان لدينا ولا يزال اعلاما جعل من نفسه سوقا لكل سياسات التخلف ، نهضت امم كثيرة فقط عبر اعلام حر دفع ببلاده الي حيث النهضة والتقدم .
اعلام الظلام والجهل والتخلف لن يروج او يسوق سوي لهذه المنظومة الملعونة ، التي سطت علي مقدرات بلادي في يوم اسود حالك .
نحن لا نملك سوي النضال وامل الخلاص الدائم لنا ، شمس الحرية سوف تشرق علي سماء بلادي يوم قريب ، بعد ان يتكشف للواهمين والمغبين ، أن طريق الحرية لا يمكن ان يكون هو نفس طريق الظلام والجهل ، وان من سرق كل احلامهم وباع لهم الوهم هم هؤلاء المتدثرين بثياب الشرف والفضيلة الزائفتان .
لن يطول الظلام مهما فعلت قوي الشر ، نحن شعب عاشق للحرية ، ويوما سيرحل عنا ذلك الاستقلال المزيف ، نحن قادرون علي النضال واستحضار الحرية مهما كان الثمن ، ونحن قادرون .