خلال الفترة الحالية، تصنف تاهيتي (Tahiti) كواحدة من جزر بولينيزيا الفرنسية (French Polynesia) الواقعة جنوب المحيط الهادئ.
 
يعود تاريخ بداية الهيمنة الفرنسية على هذه الجزيرة، ذات المناظر الخلابة، للقرن التاسع عشر. ففي خضم السباق الاستعماري، تخوّف الفرنسيون من إمكانية وقوع هذه الجزيرة، ذات الموقع الاستراتيجي، بقبضة البريطانيين. وأمام هذا الوضع، لجأ الفرنسيون، أثناء فترة حكم الملك لويس فيلب الأول (Louis Philippe I)، لفرض حمايتهم على تاهيتي.
ضم تاهيتي لممتلكات فرنسا
ويصنف المغامر والمستكشف لويس أنطوان دي بوغنفيل (Louis-Antoine de Bougainville) كأول فرنسي بلغ تاهيتي. فخلال العام 1768، توقف الأخير بهذه الجزيرة لوهلة قبل أن يواصل طريقه أثناء سعيه للقيام بدورة حول العالم شبيهة بتلك التي قام بها طاقم المغامر البرتغالي فرناندو ماجلان.
 
إلى ذلك، اتجه الإنجليز خلال القرن التاسع عشر للاستقرار بتاهيتي. فبالنصف الأول من ذلك القرن، أرسل الإنجليز العديد من المبشرين نحو هذه الجزيرة واتجهوا في الآن ذاته لدعم حكم سلالة بوماري (Pōmare). وأمام هذا الوضع، اتجهت فرنسا للتحرك فأرسلت حامية عسكرية بقيادة الأميرال أبيل دوبتي توراس (Abel Dupetit-Thouars) نحو تاهيتي وأعلنت يوم 9 أيلول/سبتمبر 1842 فرض حمايتها بشكل رسمي على الجزيرة.
 
وخوفا من إمكانية استيطان البريطانيين والألمان بها تزامنا مع تراجع نفوذ الملك بوماري الخامس (Pomare V) وعدم قدرته على إدارة شؤون الجزيرة كمحمية فرنسية، أقدمت فرنسا، أثناء فترة الجمهورية الثالثة، يوم 29 حزيران/يونيو 1880 على ضم تاهيتي بشكل رسمي لممتلكاتها.
 
مكانة تاهيتي بفرنسا
مع استيطانهم بتاهيتي، أرسى الفرنسيون نظاما استعماريا اختلف بشكل تام عن ذلك الذي اعتمدوه ببقية مستعمراتهم حيث أقدمت باريس على منح جميع السكان الأصليين للجزيرة الجنسية الفرنسية. وأملا في طمس هوية السكان الأصليين، اتجه الحاكم العام الفرنسي لفرض اللغة الفرنسية وإنشاء مدارس وإدارات جديدة.
 
وخلال السنوات التالية، شهدت تاهيتي العديد من الثورات التي قادها السكان الأصليون الرافضون لقدوم المستوطنين الفرنسيين الذين حلوا بالمنطقة لإرساء نظام اقتصادي جديد يقوم أساسا على زراعة وتجارة جوز الهند والفانيليا والفوسفاط الذي اكتشف بالجزر المحاذية لتاهيتي.
 
تدريجيا، فقدت تاهيتي أهميتها ومكانتها أثناء فترة الجمهورية الثالثة بسبب موقعها البعيد عن فرنسا. وخلال القرن العشرين، استعادت هذه الجزيرة مجددا موقعها أثناء فترة الرئيس الفرنسي شارل ديغول الذي أنشأ عام 1962 مجمع المحيط الهادئ التجريبي وهيئة الطاقة الذرية في أرخبيل تواموتو (Tuamotu) المجاور لتاهيتي.
 
منذ استيطانهم بها، ألهمت تاهيتي العديد من الرسامين، مثل بول غوغان (Paul Gauguin)، والأدباء الفرنسيين. فضلا عن ذلك، جذبت الأخيرة اهتمام جانب كبير من الفرنسيين مطلع القرن العشرين بفضل البطاقات البريدية التي حملت صور المناظر الخلابة بتاهيتي وانتشرت بكثرة بفرنسا حينها.