حمل تجديد موسكو استعدادها للعودة إلى التفاوض مع كييف، دلالات بشأن موقفها من طول أمد الحرب، ومن الحل السلمي، في وقت يحشد فيه البلدان قواتهما لما يُتوقع أن يكون أعنف معارك حرب أوكرانيا في مقاطعة خيرسون.

 
وأعلن المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الخميس، استعداد بلاده للجلوس إلى طاولة المفاوضات، متهما واشنطن بأنها من "أمرت" كييف بالانسحاب من المفاوضات في مارس الماضي، في وقت "تم التوصل فيه إلى توازن صعب جدا".
 
وجاء الرد الأوكراني سريعا، بنفي الرئيس فولديمير زيلينسكي التفاوض "طالما القصف الروسي مستمرا على البنية التحتية الأوكرانية".
 
ووفق توضيحات الخبير في العلاقات الدولية، عبد المسيح الشامي، لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بدعوته للتفاوض، "يرسل إنذارا أخيرا لكييف والعالم، بأنه ليس هو من أغلق باب الحل السلمي قبل انفجار معركة خيرسون".

دعوات روسية متكررة
وعلى مدار الأيام الأخيرة، حملت تصريحات المسؤولين الروس دعوات للحوار:
السفير الروسي في بريطانيا، أندريه كيلين، صرح بأن "المفاوضات ممكنة" مع كييف.
السفارة الروسية في برلين رحبت بعرض سكان مدينة شترالزوند الألمانية استضافة مفاوضات السلام.
سبتمبر الماضي شهد دعوات مماثلة؛ ففي 5 منه ألمحت موسكو لإمكانية عودة العلاقات مع الغرب عبر التفاوض.
في 11 سبتمبر، شددت وزارة الخارجية أن موسكو "لا ترفض الحوار مع كييف".
في 10 أكتوبر، أكد الكرملين أنه "لا يستبعد استئناف المفاوضات مع الغرب".
 
الوضع ميدانيا
مع إبداء رغبة التفاوض، تواصل موسكو وكييف الحشد العسكري لمعركة كبرى في خيرسون جنوبي أوكرانيا، ومن ملامحها:
شن موسكو 40 هجوما من منظومات صواريخ متعدد الإطلاق، و15 غارة جوية في خيرسون.
خلال أسبوع، دمر القصف الروسي 30 بالمئة من محطات الطاقة الأوكرانية.
روسيا أرسلت ألف جندي إلى خيرسون لتعزيز الجبهة.
الجيش الأوكراني دمر 8 وحدات أسلحة لروسيا في زابوريجيا، وأسقط طائرتي هليكوبتر من طراز " كا 52"، وطائرة سوخوي.
دلالات الدعوة
 
ويرى الشامي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن توقيت دعوة روسيا بشأن التفاوض "يحمل 3 دلالات":
 
الأولى: أن روسيا لا ترغب في إطالة أمد الحرب المستمرة منذ 10 أشهر.
الثانية: أن الطرح الروسي يؤكد أن الحل السياسي هو الخيار الأول لروسيا، بعد ضم المناطق الأوكرانية الأربع لأراضيها.
الثالثة: تحذير واضح لزيلينسكي قبل الدخول في معركة خيرسون، ليُعلم بوتين العالم وأوكرانيا، أنها ربما تكون آخر فرصة لأي حل سياسي؛ تجنبا لاتهام بلاده بأنها من أغلقت الباب السلمي.
 
توافق روسي- أوروبي
و"تسير التصريحات الروسية على موجة رغبات دول أوروبية، أصبحت تكابد اقتصاديا من الحرب؛ لذا تتلقف هذه التصريحات كورقة ضغط على زيلينسكي للتفاوض"، بحسب الشامي.
 
ويُعدد المحلل السياسي إشارات لهذا الموقف:
في 13 سبتمبر، دعا مفوض السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، كييف، للتفاوض مع موسكو.
في 22 سبتمبر، شددت باريس على عودة المفاوضات.
في 10 أكتوبر، جددت الخارجية الفرنسية تأييدها "لمفاوضات بشروط أوكرانيا".
في 25 أكتوبر، دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، واشنطن إلى طاولة التفاوض بشأن أوكرانيا.
 
أهداف واشنطن
وتوجه موسكو أًصابع الاتهام بشأن تعطيل المفاوضات إلى واشنطن، وفي هذا الصدد، يرى الشامي أن الرد الأميركي جاء سريعا، قائلا:
 
"البيت الأبيض أعلن ترك قرار المفاوضات لأوكرانيا بشروطها الخاصة".
"واشنطن ترغب في إطالة أمد الحرب لإدخال أوروبا في حرب مباشرة ضد موسكو؛ لاستنزاف الطرفين عسكريا واقتصاديا، ونسف أي تحالف ممكن بينهما في مجالات الطاقة والصناعة؛ لذا الحرب الآن هي روسية- أميركية.