محرر الأقباط متحدون
بعد ظهر الجمعة كان للبابا لقاء خاص مع إمام الأزهر الشيخ أحمد الطيب في مقر إقامة البابا قبل أن يتوجه الرجلان معا إلى مسجد قصر صخير الملكي للمشاركة في لقاء مع أعضاء مجلس حكماء المسلمين.
وجه البابا خطابا قال فيه إن الله هو ينبوع السَّلام. فليمنحنا أن نكون قنوات سلامه في كلّ مكان! أودّ أمامكم أن أكرّر أنّ إله السّلام لا يقود أبدًا إلى الحرب، ولا يحرّض أبدًا على الكراهية، ولا يؤيّد العنف أبدًا. ونحن، الذين نؤمن به، إنّنا مدعوّون إلى تعزيز السّلام بطرق السّلام، مثل اللقاء والمفاوضات الصّابرة والحوار، الذي هو أكسجين العيش المشترك معًا. ومن بين الأهداف التي تقترحونها، نشر ثقافة السّلام المؤسّس على العدل. أودّ أن أقول لكم إنّ هذا هو الطّريق، بل هو الطّريق الوحيد، بما أنّ السّلام هو "عمل العدل".
مضى البابا إلى القول: جئت إليكم مؤمنًا بالله وأخًا وحاجَ سلام. جئت إليكم لنسير معًا، بروح فرنسيس الأسيزي. وتساءل الحبر الأعظم بعدها: كيف يتمكّن المؤمنون من مختلف الديانات والثّقافات من العيش معًا، والتّرحيب واحترام بعضهم بعضًا إن بقينا غرباء بعضنا عن بعض؟ لنسترشد بقول الإمام علي: "النّاسُ صِنْفان، إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْن، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْق"، ولنشعر بأنّنا مدعوّون لرعاية كلّ من وضعهم المخطّط الإلهيّ بالقرب منّا في العالم. لنحث أنفسنا على "أن ننسى الماضيّ وندَرِّب أنفسنا بصدق على أن نفهم بعضنا بعضًا، ولننشر ولنعزّز معًا العدالة الاجتماعيّة والقيَم الأخلاقيّة والسّلام والحريّة لجميع الناس".
بعدها لفت البابا إلى أن كلّ الشّرور في العالم متجذّرة في رفضنا لله وللأخ: في إغفال نظرنا عن خالق الحياة وعدم اعترافنا بأنّنا لم نعد حرّاسًا للإخوة. كما أنّ الشّرور الاجتماعيّة والدوليّة، والاقتصاديّة والشّخصيّة، وكذلك الأزمة البيئيّة المأساويّة التي تميّز هذه الأوقات تأتي في النّهاية من ابتعادنا عن الله وعن الآخر. لذلك، نحن لدينا مهمّة وحيدة وأساسيّة، وهي أن نساعد في إعادة اكتشاف مصادر الحياة المنسيّة هذه، وأن نُعيد البشريّة إلى أن تَستَقي من الحكمة القديمة، وأن نقرّب المؤمنين من جديد من عبادة إله السّماء والنّاس الذين من أجلهم خلَق الله الأرض.
وشدد البابا في هذا السياق على الصّلاة والأخوّة. وقال: هذه هي أسلحتنا المتواضعة والفعّالة. يجب ألّا نسمح بأن تجرّبنا وسائل أخرى، وطرق مختصرة لا تليق بالله العليّ. اسمه السَّلام ويُسيء إليه الذين يؤمنون بأساليب القوّة، ويدعمون العنف، والحرب وتجارة السّلاح، و”تجارة الموت“ التي تحوّل بيتنا المشترك إلى ترسانة كبيرة. وختم قائلا: لنا مسؤوليّة كبيرة أمام الله والناس، وعلينا أن نكون قدوة لِمَا نعظ به، وليس فقط في جماعاتنا وفي بيوتنا بل في العالم الموحّد والمعَولَم.