أرجو أن ينهض الإمام الأكبر، الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الجامع الأزهر، بترجمة دعوته الطيبة إلى الحوار (الشيعى/ السنى) إلى مؤتمر للتقريب بين المذاهب، يُعقد عاجلًا تحت العَلَم المصرى، وبرعاية الدولة المصرية، سيكون مكسبًا عظيمًا للإسلام ولمصر، كنانة الإسلام.
 
ومستوجب توقُّف أصحاب العقول الراشدة فى العالم الإسلامى أمام ما جادت به قريحة الإمام فى تشخيصه لفكرة الحوار المأمول، يطلبه الإمام الطيب حوارًا «إسلاميًّا إسلاميًّا» جادًّا من أجل إقرار الوحدة والتقارُب والتعارف، ومن أجل الأُخُوّة الدينية والإنسانية، تُنبذ فيه أسباب الفُرقة والفتنة والنزاع الطائفى على وجه الخصوص، ويُركَّز فيه على نقاط الاتفاق والتلاقى.
 
أحسن الإمام، وفى ميزان حسناته هذه الدعوة المعتبرة، وعلى خطى سلفه، طيب الذكر الراحل، الشيخ الإمام «محمود شلتوت» (١٣١٠- ١٣٨٣هـ)، العالِم الكبير، المفسر الرصين، من أهل السُّنة، أستاذ ورئيس جامعة الأزهر، من رواد التقريب، ومن مؤسِّسى «دار التقريب بين المذاهب الإسلامية»، ومن أعماله فى التقريب بين المذاهب تأسيس كرسى تدريس الفقه المقارن، والتواصل مع علماء الشيعة. من نافلة القول أن دعوة التقريب بين السُنة والشيعة فكرة ليست حديثة كليًّا، بل كان لها حضور قديم فى التاريخ الإسلامى، وإن لم يكن بنفس الشكل والمضمون الذى انتشر فى العصر الحديث، ولكنها دعوة تكررت على فترات فى العصر الحديث.
 
وحسب المراجع المعتمدة، لهذه الفكرة رموز فى الجانبين السُنى والشيعى، ففى الجانب الشيعى كان عدة شخصيات، منها (آية الله الكاشانى وعلى بن إبراهيم بن هاشم القمّى) وغيرهما، وعند السُنة (الشيخ محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا)، وقبلهم جميعًا الشيخ جمال الدين الأفغانى.

وتبعهم الشيخ شلتوت، ولحق بالركب الطيب الإمام الطيب، الذى يسعى حديثًا مسعى طيبًا لجمع شتات الأمة الإسلامية.
 
الدكتور الطيب، من موقعه عالميًّا شيخًا للأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، يحدد القاعدة الحاكمة لهذا الحوار المأمول: «يعذر بعضنا بعضًا فيما نختلف فيه»، كما ينص فى دعوته إلى الحوار «على وقف خطابات الكراهية المتبادلة، وأساليب الاستفزاز والتكفير، وضرورة تجاوز الصراعات التاريخية والمعاصرة بكل إشكالياتها ورواسبها السيئة».
 
الإمام الطيب كان منفتحًا على الحوار السنى/ الشيعى، وهو يتحدث من منبر المنامة (قصر الصخير)، وخلال كلمته بالجلسة الختامية فى ملتقى البحرين للحوار، بحضور جلالة ملك البحرين، الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة، وبابا الفاتيكان، البابا فرنسيس، وفى سياق الحوار الأزهرى/ الفاتيكانى فى إطار وثيقة الأُخُوّة الإنسانية وعلى هدى من فكرتها ونجاحاتها المتحققة.
 
يقول الدكتور الطيب: «هذه الدعوة، إذ أتوجه بها إلى إخوتنا من المسلمين الشيعة، فإننى على استعداد، ومعى كبار علماء ومجلس حكماء المسلمين، لعقد مثل هذا الاجتماع بقلوب مفتوحة وأيدٍ ممدودة للجلوس معًا على مائدة واحدة لتجاوز صفحة الماضى وتعزيز الشأن الإسلامى ووحدة المواقف الإسلامية، التى تتسم بالواقعية، وتلبى مقاصد الإسلام وشريعته، وتُحرِّم على المسلمين الإصغاء لدعوات الفُرقة والشِّقاق، وأنْ يحذروا الوقوع فى شَرَك العبث باستقرار الأوطان، واستغلال الدين فى إثارة النعرات القومية والمذهبية، والتدخل فى شؤون الدول والنَّيْل من سيادتها أو اغتصاب أراضيها».
 
دعوة كريمة من شيخ طيب اسمًا وقولًا.. بُورِكْتَ فضيلة الإمام الأكبر وبُورِكَ مسعاك.
نقلا عن المصري اليوم