د. أمير فهمى زخارى المنيا
" لأن كل من له يعطى فيزداد ومن ليس له فالذي عنده يؤخذ منه " (مت 25 : 29 ). ، ( مت 13 : 12 )
في هذا المثل اراد الرب ان يعلم التلاميذ انه بعد غيابه عنهم بالجسد سيكلفهم مسؤولية العمل الذي يخص ملكوت السموات " كل واحد على قدر طاقته" (متى ٢٥ : ١٥)، وذلك من خلال وزنات المواهب الروحية التي سيعطيها لهم بالروح القدس.
وهذا المثل ينطبق علينا نحن المؤمنين الآن ايضاً، اذ اننا مسؤولون عن عمل الخدمة في غياب الرب "كل واحد على قدر طاقته" وبحسب ما اخذ موهبة من الرب، من اجل ربح النفوس للمسيح واظهار اعمال الرحمة والمحبة لجميع الناس، والمساهمة في نشر ملكوت الله في العالم. والوزنات المكلفين استثمارها هي طاقاتنا العقلية والجسدية واموالنا، وكذلك المواهب الروحية المعطاة لنا كموهبة التبشير او التعليم او بنيان النفوس في الحق الذي بربنا يسوع وكثير غيرها.
وكما نفهم من تعليم الرب عن ملكوت السموات، يوجد في هذا الملكوت مؤمنون حقيقيون يعملون لمجد الله، كما انه يوجد مؤمنون بالاسم دون ان يكون روح الرب ساكناً فيهم. فهؤلاء لم يختبروا ابدا محبة الله ورحمته ونعمته ولطفه وصلاحه وفداءه وأمانته. إنما كل تفكيرهم أنه السيد القاسي الظالم المخيف كما قال عنه الذي أخذ الوزنة وطمرها في الارض "يا سيد عرفت أنك إنسان قاس تحصد حيث لم تزرع وتجمع من حيث لم تبذر. فخفت ومضيت واخفيت وزنتك في الارض. هوذا الذي لك" (متى ٢٥ : ٢٤ و٢٥).
فأمثال هذا العبد الشرير والكسلان كما قال عنه سيده لم يستخدموا ما وهبهم اياه الله من طاقات ومواهب لمجده، لسبب ما، من خوف وعدم ثقة وعدم ايمان، فخسروها وخسروا معها نعمة مشاركة السيد في افراحه الابدية. اما الذين يستخدمون ما وهبهم اياه الله من اجل خدمته، فهؤلاء سينالون المدح من السيد والشرف العظيم بدعوتهم للدخول الى فرحه الابدي. وهذا هو التعويض الابدي الذي لا يمكن مقارنته بالتعب الوقتي الذي تعبوه في اثناء خدمة السيد.
الأمين الذي له الأعمال الصالحة يجازَى بأن يوكل إليه أكثر. ومن ليس له شيء يدل على اجتهاده وأمانته وحسن تصرفه بوكالته، تؤخذ منه المواهب والوسائل والوكالة. صاحب الوزنة أخذت منه وأعطيت للذي له العشر وزنات. ولقد أخذ الكرم من الكرامين الأردياء وأعطي لآخرين (مت21: 41)
فكل من يتاجر بمواهب الروح يعطي له أكثر وتزداد له البركات الروحية بفيض. وداود أخذ وزنات شاول حين ثبت أن شاول غير أمين في وزناته. أما من ليس له محبة الله، ويسلك في شهواته فالله يحرمه من مواهبه فهو لا يستحقها.
الخلاصة:
أي من له إيمان، وله حب للعمل الصالح، أو له عمل صالح أيضا، يعطيه الله نعمة ليزداد بها في الإيمان وفي الأعمال معاً.. أما الذي ليس له إيمان، فالأعمال التي يعملها بدون إيمان، فهذه تنـزع منه، وليست لها قيمة بدون إيمان… كذلك الذي ليست له أعمال صالحة، فالإيمان الذي عنده بدون أعمال، الذي قيل عنه "إيمان بدون أعمال ميت". هذا الإيمان الميت ينـزع منه.. إنه مجرد إيمان اسـمي أو عـقلي أو شـكلي.. هذا ينـزع منه..
أتمنى أن نتاجر بالمواهب التي أعطانا الله إياها لنربح ملكوت السموات ..
د. أمير فهمى زخارى المنيا