ياسر أيوب
لم يتفق المؤرخون الكرويون على الدافع والسبب الحقيقى لإقامتها وتنظيمها، وهل هو حب كرة القدم أم فكرة ناجحة لترويج تجارة الشاى.. لكنهم اتفقوا على أنها كانت أول بطولة دولية حقيقية فى التاريخ الكروى، بل يراها بعضهم أول بروفة جادة لكأس العالم.. فمن الخطأ تصور أن حكاية كأس العالم بدأت فى 1930 حين استضافت أوروجواى البطولة الأولى أو حتى فى 1928 حين تم الاتفاق على بدء البطولة بعد عامين فى أوروجواى.. إنما بدأت الحكاية قبل ذلك بكثير جدًّا.. فبعد أن نجحت فرنسا وبلجيكا وألمانيا والدنمارك وهولندا وإسبانيا والسويد وسويسرا فى تأسيس الاتحاد الدولى لكرة القدم 1904 برئاسة الصحفى الفرنسى روبرت جورين.. ثم انضمت إنجلترا فى العام التالى وأصبح الإنجليزى دانيال بيرلى وولفول منذ 1906 الرئيس الثانى للاتحاد الدولى.. ظل الجميع يأملون ويحاولون إقامة بطولات كروية دولية تشارك فيها فرق من بلدان مختلفة. وجاءت الفرصة فى دورة لندن الأوليمبية 1908، التى شاركت فيها منتخبات بريطانيا والدنمارك والسويد وهولندا إلى جانب منتخبين من فرنسا.. وفوجئ كثيرون بأن الاتحاد الإنجليزى هو الذى أدار المسابقة فى تلك الدورة وليس الاتحاد الدولى.. وأن اللجنة الأوليمبية الدولية لا تُبدى الاحترام اللائق للاتحاد الدولى أو لا تعترف بسلطته الكاملة على اللعبة، حيث رفضت مشاركة أى لاعب كرة محترف ليقتصر الأمر على الهواة فقط رغم مناشدة الاتحاد الدولى.
فكانت المباريات ضعيفة لا يليق مستواها الهزيل بلعبة بدأت تكتسب الاهتمام والشعبية والاحترام.. وفوجئ الجميع وسط ذلك كله بالسير توماس ليبتون.. تاجر الشاى الاسكتلندى.. يتمرد ويرفض هيمنة اللجنة الأوليمبية الدولية على كرة القدم واستسلام اتحادها الدولى.. وقرر ليبتون فى 1909 تنظيم بطولة كروية دولية لأندية أوروبا مسموح فيها بمشاركة المحترفين حتى يرى الناس الجمال الحقيقى لكرة القدم ويستمتعوا بمواهبها.. وتحمل ليبتون كل نفقات البطولة، واختار إقامتها فى مدينة تورينو الإيطالية لسببين.. أولهما كان رغبته فى إنهاء السطوة البريطانية على اللعبة ومسابقاتها، والثانى مساندة العائلة المالكة الإيطالية للسير ليبتون وفكرته الكروية.. ولهذا رفضت إنجلترا مشاركة أنديتها فى هذه البطولة مجاملة للجنة الأوليمبية الدولية وأن تكون هناك بطولات كروية دولية خارج دوراتها.. ولم يدر السير ليبتون أنه ببطولته بدأ الخطوة الأولى ليمتلك العالم كأسًا للعالم.. فقد غيّرت هذه البطولة كل الأفكار والقواعد والحسابات.
نقلا عن المصرى اليوم