طارق الشناوي
قالت لى الإعلامية الصديقة منى هلال أرملة المطرب الكبير الراحل محرم فؤاد، إنها تحتفظ برسالة بخط يد عبد الحليم، وقعت بالصدفة فى يد محرم فؤاد.
أصل الحكاية أن كاتبًا صحفيًا كبيرًا جاء إلى لندن بدعوة من عبد الحليم- مطلع السبعينيات- ولسبب أو لآخر لم يعثر عليه، وعلم محرم بتواجده واستضافه فى الفندق الذى يقيم فيه، بعد يومين، كان عبد الحليم قد عرف كل التفاصيل، بعث له برسالة على الفندق، واختلط الأمر على موظف الاستعلامات، ووقعت الرسالة فى يد محرم، وتضمنت بعض عبارات تحمل تجاوزًا فى حق محرم، الذى اكتفى فقط بأن يحتفظ بها بين أوراقه، على الجانب الأمر، لم تشأ منى هلال أن تنشر الرسالة حتى الآن، وأتصورها لن تفعلها أيضا بعد الآن.
هل كل ما يقع تحت أيدينا من أوراق وتسجيلات يجوز تداوله؟، مثلا اكتشفت الأستاذة أم كلثوم (هدى)، ابنة أديبنا الكبير نجيب محفوظ، أوراقًا من الممكن اعتبارها (يوميات)، كان يدونها أستاذنا الجليل منذ الأربعينيات، واستمر فى كتابتها حتى محاولة اغتياله عام 1995، ابنة الكاتب الكبير قالت إنها سوف تنشر بعضها قريبًا، فى كتاب يحمل عنوان (أبى نجيب محفوظ)، يبقى السؤال من الذى منوط به أن ينتقى، الابنة منفردة أم أيضا عدد من كبار الأدباء الذين عاصروا نجيب محفوظ ولديهم ذائقة أدبية تؤهلهم للاختيار، على سبيل المثال لا الحصر الأساتذة محمد سلماوى ونعيم صبرى وإبراهيم عبد المجيد ومحمد المخزنجى ويوسف القعيد وزكى سالم والقائمة قطعًا طويلة؟.
أنا مثلا أتيح لى أن أسجل نحو 12 ساعة مع الفنان الكبير سمير غانم، تناول فيها محطات عديدة من حياته الثرية، وذلك قبل نحو أربع سنوات، عندما كرمه مهرجان القاهرة السينمائى الدولى ومنحه جائزة (إنجاز العمر)، كان سمير كعادته يفتح قلبه ويفضفض فى كل شىء، وجزء كبير مما رواه لا أتصور أن سمير كان يقصد ذيوعه.
لم يطلب منى سمير أن أراجعه قبل طبع الكتاب، الذى حمل عنوان (سمير غانم إكسير السعادة)، أنا الذى تحفظت على نشر بعض ما أدلى به، بعد رحيل سمير، اتصل بى أحد كبار الناشرين، وكان يعلم بأمر الكتاب والأجزاء المحذوفة، طلب منى نشر المذكرات كاملة، قلت له لن أبيع أسرارًا أنا مؤتمن عليها.
الموسيقار بليغ حمدى وهو فى الغربة عندما سافر مضطرًا إلى باريس، بعد الحكم عليه بالسجن لمدة عام، كان لديه صديق أطلع على قصة حب عنيفة مع الأديبة السورية غادة السمان، وقرأ خطاباتها إليه وخطاباته إليها وصور بعضها، وقبل نحو أربع سنوات نشرها فى إحدى الصحف اللبنانية.
وصديق آخر حمله بليغ أمانة توصيل بعض الرسائل لعدد من الشخصيات، لإحساسه بأنهم قادرون بحكم أسمائهم ومواقعهم على الوصول للرئيس الأسبق حسنى مبارك للتدخل لإيقاف الحكم الصادر بحقه، بينهم سعد الدين وهبة وسيد مكاوى ومحمد الموجى والكاتب الصحفى عبد المنعم سعد، قبل نحو ثلاث سنوات، نشر الصديق هذه الرسائل.
والأمر يحتمل فقط تفسيرين، الأول أن الرسائل لم تصل لأصحابها وهو مستبعد تمامًا، لأن بليغ كان سيكتشف ذلك ببساطة، والثانى، وهو المنطقى، أن هذا (الصديق) فتح الرسائل، وصور محتواها، ثم أعادها مجددا داخل الظرف، على طريقة شكرى سرحان فى فيلم (البوسطجى)!!.
منى هلال ضربت المثل، فهى قررت أن تحتفظ برسالة عبد الحليم التى ائتمنها عليها محرم، لم ينشرها لا فى حياة عبد الحليم، ولا حياته، حيث إنه عاش بعده أكثر من ربع قرن!!.
نقلا عن المصرى اليوم