وسيم السيسي
بدعوة كريمة، حضرت حفل توقيع كتاب: «البابا تواضروس الثانى.. سنوات من المحبة لله والوطن»، فى الكاتدرائية بالعباسية، كانت أمسية بكل الأمسيات، كان الوزراء والسفراء وأصحاب الفكر الجميل، تحدث كل واحد بما امتلأ به عقله وقلبه من حب وتقدير للبابا
تواضروس الثانى.
تحدثت عن الكتاب، قلت: تعودت فى معظم الكتب أن أقرأ صفحة من هنا وصفحة من هناك، فأحكم على الكتاب فى الجوهر واللباب، أما هذا الكتاب فقد كلبشنى من أول صفحة، ذلك لأنه صادق، والجمال هو الصدق، نجح الطفل وجيه صبحى بتفوق فى الشهادة الابتدائية، فكانت هديته ساعة جوفيال سويسرية، وحين بدأت الدراسة بالمرحلة الإعدادية، وقف حارسًا للمرمى بسبب طول قامته، وأثناء اللعب وقع على الأرض، وانكسرت الساعة الثمينة، فكانت علقة ساخنة، وكان هذا اليوم نهاية علاقته بكرة القدم، لعبًا وتشجيعًا ومشاهدة.
حدّثنا البابا كيف شطب على ثلاثة أسماء من خمسة، وكان اسمه من بين الثلاثة، يُذكرنى هذا بقول أبى العلاء: توحَّد، فإن الله ربك واحد، وابعد عن عِشرة الرؤساء!، فأصبح هو رئيسًا، وعلق البابا: لا يصيب الصداع إلا الرأس دون باقى أعضاء الجسم.
فى كلمتى تحدثت عن كلمة فارماسى، أى الصيدلة، وأن هذه الكلمة ليست يونانية أو لاتينية كما يدرسونها فى الجامعات، ولكنها كلمة مصرية قديمة، وتُنطق: فارماكا، أى بيت الشفاء والصفاء، وذكرت المصدر: كتاب بول غليونجى: الطب فى مصر القديمة، صفحة مائة.
تحدثت عن فولتير، هذا المفكر الحر، وقوله عن رجل الدين: رجل الدين الجاهل يثير احتقارنا، ورجل الدين المتعصب يثير اشمئزازنا، أما رجل الدين المثقف الواعى فهو الجدير بحبنا واحترامنا.
يُحدثنا البابا فى كتابه الجميل، كيف التقى بجريدة الحرية والعدالة، ولما سألوه: ماذا تريد من حزب الحرية والعدالة؟، صمت البابا برهة، ثم قال: أريد من حزب الحرية والعدالة شيئين: الحرية والعدالة!.
ذهب البابا مع الإمام الأكبر لزيارة الرئيس مرسى، وعند الانصراف، أصرت الرئاسة أن ينصرف كل واحد منهما منفردًا عن الآخر حتى لا يُظهرا للناس أن الحب يجمعهما!.
هناك كلمة لتوماس جيفرسون: قد يغلب الباطل الحق فى كثير من الأحيان، ولكن يبقى للحق ميزته الكبرى، أنه يجعل من أصحابه روادًا للمستقبل، ومصابيح للتاريخ، وأنا أرى البابا رائدًا من رواد التنوير والتغيير للأفضل، ولكن المقاومة من الداخل والخارج، أرجو أن تكون حافزًا على إيمانه بما يؤمن به.
أخيرًا هذه الصحفية الموهوبة شيرين عبدالخالق، كيف استطاعت من مائة ساعة تسجيلات مع قداسة البابا أن تخلق لنا هذه الجنة وارفة الظلال؟، هذا هو الفرق بين المعرفة، وهى وحدات بناء، والحكمة، وهى كيف تجعل من هذه الوحدات بناءً جميلًا، الشكر الجزيل لشيرين عبدالخالق، التى استطاعت أن تجعل من هذه اللآلئ عقودًا، ترجمها العالم إلى ست لغات، كذلك تحية كبيرة للأستاذ محمد رشاد، صاحب الدار المصرية اللبنانية للنشر، الذى أخرج هذا الكتاب فى أبهى صورة وأجمل غلاف.
نقلا عن المصرى اليوم