بقلم - مدحت قلادة
مصر من أول الدول بالمنطقة التى تعاني من الفائض الدينى، مفهوم الفائض الدينى تدخل الدين في كل مناحى الحياة فى المظهر الخارجي للمواطن وفي الحياة اليومية بكل تفاصيلها ،  فالواقع المصري ينطوي على فائض ديني وخير دليل على ذلك الأسماء الشخصية للمصريين فالقبطي يدعى مرقص وجرجس وبولا وأنطونيوس ودميانة.. والمسلم أبو بكر وعمر وصهيب.. انظر حولك فمثلاً القبطي يتفاءل بالقديسين والشهداء مؤمناً بشفاعة القديسين، والمسلم أيضاً تيمناً بالاسم وبتاريخه... ولكن هل هذا الفائض له انعكاس على أرض الواقع فمثلا انعكس الفائض الديني على أرض الواقع فى شكليات فقط فأصبح حجاب ونقاب، سبحة ومسواك، وصليب وإنجيل ، إيمان بدون فاعلية حقيقية على الواقع العملى بدليل انتشار الرشوة، الفساد الأخلاقي والانحلال الخلقي في مناحي المحروسة، وعدم قبول الآخر بدليل الاعتداءات الطائفية التي تنهش جسد الوطن من أقصاه لأدناه، تحول الناس عن طبيعتهم من حب وود إلى صراع طائفي لأتفه الأسباب فقد تميز أهالي الصعيد بالحب والود والحفاظ على الجيرة و تغيرت سلوكياتهم فأصبح جنوب مصر ما يسمى (بمنطقة الصعيد) من اكثر المناطق التهاباً بالاعتداءات الطائفية، وأثُّر فائض الدين على الشارع المصري فحينما تسير في أرجاء المحروسة وتشعر كأنك في إيران حيث التحفت النساء بالسواد في هيئة نقاب وحجاب بينما تحول آدم إلى ذئب رغم  أن جبهته خُتِمت بعلامات الجودة التى يعتقد خطاء انها تترجم " التقوى والورع، وأثر التدين الشكلي على وسائل المواصلات فلا تخلو عربات مترو الأنفاق من الواعظات المجتهدات ليحدثن الأخريات على النقاب والحجاب بعد أن اختزلن الدين في الشكل فقط بعيداً الممارسات الوجدانية لقواعد الدين، وتم غزو مداخل البنايات بالفائض الديني في الأحياء الراقية والمتوسطة والشعبية، وانتشرت الملصقات بالأقوال والأدعية على العربات وأبواب المطاعم وداخلها بالإضافة لأعمدة النور في الشوارع وفي كل مكان مما يؤكد على تحول الله نفسه من الله المحب لكل البشر إلى تاجر في مزاد علني فمن قال هذا القول نجي من النار، ومن بدأ يومه بهذه الأدعية فُتِحت له أبواب الجنة وأغلقت أمامه أبواب جهنم، ومن ذكر هذا غفر الله جميع ذنوبه وطهره من معصيته وكل ذلك في مزاد علني يعلو ولا يُعلى عليه" فالاقوال اصبحت تغنى عن الافعال".

النتيجة: إن معظم المصريين يعيشون حالة من التديين وليس التدين وهناك انفصال تام بين الدين والأخلاق العامة كممارسات وعلاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان فمعظم المصريين يعيشون حالة انفصام تام وشيزوفرنيا مستعصية فهناك ممارسات دينية وطقسية ولكن الواقع يثبت العكس تماماً. وتحول الدين الى أداة من أدوات الكراهية للآخر وتعصب مقيت فليس غريبا مع الفائض الدينى ان تسمع كلمة اكرهك فى الله!! وليس غريبا ان يكون الدين اداة من ادوات القمع والتنكيل للمختلف. قصة الطفل شنودة هى ترجمة حقيقية للفائض الدينى فشنودة لن يزيد المسلمين أو المسيحين إنما قامت الدولة باجهزتها الأمنية والاجتماعية بخطف الطفل من بيت ابواه اللذان وجداه من أربع سنوات واعتنيا به فأصبح له أب وأم ومنزل وله مستقبل باهر الى غياب دار الأيتام بلا رحمة وبدون إنسانية وبعنف وقسوة والغريب ان تقوم مؤسسات الدولة بهذه الاعمال اللانسانية بدعاوي غير انسانية ولكن الفائض الدينى قاد مؤسسات الدولة للقسوة والكراهية وتحطيم مستقبل طفل!!

رغم ان المنطقى ان الدين له تاثيران افقيا وراسيا ، رأسيا كلما زادت علاقة الانسان بربه ارتباطا كلما انعكست هذه العلاقة افقيا من حب ورحمة ومودة لكل الأجناس والالوان والاديان لانه من خلال أعماله يقدم إيمانه.

متى ينتهي الفائض الديني للمصريين؟
متى ينتهي التدين الشكلي ؟
متى يعود الشعب لروح الدين ليوثر فيهم ؟
متى يثبت الفرد للآخر بسلوكياته أن دينه دين رحمة ومحبة وعدل ، بالأفعال وليس بالأقوال؟

متى تنتهي مظاهر الفائض الدينى الشكلى والصحوة الفاشية التى خربت الانسان المصري وحولته الى وحش كاسر شكليا له شكل انسان وداخليا وحش ولكنه رافع شعار دينى .... فلا تتعجب ان اثر الفائض الدينى كتب عنه الدكتور العالمى نجيب محفوظ "لا تتعجب فان معظم اللصوص فوق مكاتبهم هذا من فضل ربي".

Medhat00_klada@hotmail.com