ياسر أيوب
كان من الطبيعى والضرورى أيضا ألا تكون حياته أقل جنونا وغرابة وتناقضات من كرة القدم.. وأقصد هذا الفرنسى المجهول أو المنسى عربيا الذى أسس الاتحاد الدولى لكرة القدم.. ففى الاجتماع الذى انعقد فى باريس فى 21 مايو 1904 الذى انتهى بإعلان تأسيس الفيفا.. لم يكن فى حياة روبرت جرين ما يوحى أنه سيكون أول رئيس للفيفا.. فقد كان لايزال شابا فى الثامنة والعشرين من عمره ولم يسبق له أن لعب كرة القدم.. وقضى روبرت طفولته وصباه فى مدينة ريمس قبل انتقاله لباريس للعمل بالتجارة مثل أبيه الذى كان تاجر أقمشة.. ثم التحق روبرت بنادى سبورتيف باريزيان وأصبح فى 1900 سكرتيرا للنادى.. ولكفاءته الإدارية انضم للهيئة الوطنية للرياضة الفرنسية التى كانت تدير مختلف الألعاب.. وكان من نتيجة ذلك أن بدأ روبرت يمارس الصحافة الرياضية وأيضا يلتفت لكرة القدم ويكتشف كيف تتزايد شعبيتها يوما بعد يوم فى فرنسا وأوروبا كلها.. وأدرك روبرت أن الكرة تحتاج لاتحاد دولى ينظم شؤونها ولم يكن يتخيل أنه هو الذى سيؤسس هذا الاتحاد إنما تخيل أن الإنجليز الذين اخترعوا اللعبة هم الأحق بتأسيس هذا الاتحاد..
وبالفعل سافر روبرت إلى لندن فى 1903 وقابل فريدريك وول، سكرتير الاتحاد الإنجليزى، وعرض عليه فكرة تأسيس الاتحاد الدولى لكرة القدم.. ولم يهتم فريدريك بما يقوله هذا الشاب الفرنسى.. وذهب روبرت مرة أخرى إلى لندن وقابل مسؤولى الاتحاد الإنجليزى الذين لم يقتنعوا بالفكرة.. وهكذا قرر روبرت أن يؤسس بنفسه هذا الاتحاد الدولى ولم يكن يريد رئاسته لكنه استجاب لضغوط أصدقائه المؤسسين.. وظل روبرت سنتين رئيسا للاتحاد وضع خلالهما أول نظام للاتحاد وصاغ قوانينه وأهدافه قبل أن يقرر الابتعاد تاركا الرئاسة للإنجليزى دانيال وولفول.. وقد يرى كثيرون أن روبرت كان مجنونا لأنه رأى رئاسة الاتحاد الدولى لكرة القدم تشغله عن تحقيق أحلامه واختيار الحياة التى يريدها.. وبالفعل ترك روبرت رئاسة الفيفا فى 1906 ليتزوج إديث ويصبح المدير الفنى الفعلى لمنتخب فرنسا فى دورة لندن الأوليمبية 1908 حيث خسرت فرنسا فى قبل النهائى أمام الدنمارك 1/17.. واكتفى روبرت بعد ذلك بالصحافة الرياضية فى صحيفة لو ماتان وبقى يعيش مع اديث فى بيت صغير جدا بالحى اللاتينى حتى 1952 حين مات أول رئيس للفيفا.
نقلا عن المصرى اليوم