مع التغير المناخي الذي يعاني منه العالم، يطرح التساؤل عما إذا كان هذا التغير وليد العصر الحديث فقط، وكيف تعامل القدماء معه.
ما يلفت الانتباه هو تصريح سابق للمبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون المناخ جون كيري، حيث طالب في شهر فبراير الماضي من العالم الاقتداء بالمصريين القدامى في حماية المناخ والحفاظ عليه واحترامه، ما يطرح سؤالا حول كيفية تعاملهم مع هذا الملف.
ويقول عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية اتحاد الكُتاب بسام الشماع لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المصريين القدماء كانوا يحترمون كوكب الأرض، يحترمون المياه والبحار وكل شيء، وبالتالي علينا أن نحذو حذوهم".
ويؤكد الشماع أن المصري القديم المصري القديم كانت لديه محطة للأرصاد في المطرية، وقد دللت آثار مصرية قديمة على وعيه بالتغيرات المناخية:
بردية "نبؤآت نفرتي" المكتوبة بالخط الهيراطيقي كتبت في عصر الأسرة 12 أي حوالي العام 2000 قبل الميلاد، رصدت التغيرات الطقسية والجوية، ووقوع حوادث مرتبطة بنهر النيل ومياهه وسريانها وعمقها ومنسوبها بدقة، ووصف لتغيرات مناخية وسحب وغمام وانطفاء لنور الشمس.
المصري القديم أول من ربط بين التغيرات المناخية والبيئية، فقد ورد في البردية نص: "سوف تفرخ طيور غريبة في مستنقعات الدلتا" ما يدل على أنه راصد ماهر للحياة الطبيعية، وحيوات الكائنات، وتأثرها بالحالة الجوية وتغيير المناخ.
أشار البردية إلى انخفاض منسوب النيل: "الحيوانات سوف تشرب من الماء في مصر.. ولن يكون هناك مكان لقارب يستطيع المرور منه، لأن المياه قلت جدا.. ويُعبر النهر على الأرجل".
المصري القديم كان على دراية بحركات الشمس، وتعرف على موقع شروقها في السماء في أول يوم في فصل الصيف باستخدام أداة من الحجر تم اكتشافها على بُعد 100 كم شمال غربي أبو سمبل في النوبة المصرية، وبها تحديد اتجاهي الشمال والجنوب وشروق الشمس عند ظاهرة الانقلاب الصيفي الفلكية، وقرب موسم هطول الأمطار، وذلك في منطقة أثرية أطلق عليها اسم "نبتا بلايا" ويرجع تاريخها إلى حوالي 4800 سنة قبل الميلاد.
يوضح الشماع أن الأمر لم يقتصر على إدراك التغيرات المناخية ورصدها بل حرص المصريون القدماء على البيئة، وحمايتها من هذه التغيرات عبر إجراءات عدة:
كان المصري القديم لديه ثقافة عدم تلويث نهر النيل، واعتبار هذا من الأسباب الدينية التي تصل بالإنسان إلى حياة أبدية هنيئة.
بناء البيوت الخشبية التي تتوافق مع البيئة وتعد نماذج سكنية نظيفة وخضراء.
بناء بيوت أعلى نسبيا من مستوى مياه النهر لكي يتجنب دمارها عند حدوث الفيضان.
بناء المدن الهامة بعيدا عن البحار باستثناء تلك التي تستخدم كموانئ.
شق الترع والمصارف والتعرف على أماكن وجود البحيرات التي تملؤها مياه الأمطار.
بناء أماكن لحفظ الحبوب والاستفادة منها في حال حدوث جفاف، أو ضعف القدرة على ري الأراضي بسبب عدم وصول الفيضان أو انخفاض منسوب النيل.
يشار إلى أن مصر قد أقامت متحفا في مدينة شرم الشيخ على هامش مؤتمر المناخ "كوب 27"، بعنوان "مصر وإرثها البيئي" يضم آثارا تدل على اهتمام المصري القديم بالبيئة ومحافظته عليها واهتمامه بنهر النيل.