ياسر أيوب
فى 1989.. كتب يوسف القعيد روايته الجميلة عن معاناة الذين سافروا وغابوا وعذاب من بقوا فى انتظار رجوعهم أو الحزن على الذين غابوا وأبدا لن يعودوا.. واختصر القعيد كل ذلك فى عنوان هذه الرواية الذى هو وجع البعاد..

ففى الحياة أوجاع لا أول لها أو آخر من أشدها قسوة وجع البعاد أيا كان شكل ونوع ووقت هذا البعاد.. ولا يقتصر وجع البعاد على الناس فقط مع أهل وأصحاب وبيوت وأوطان.. إنما يمكن أن يشكو أيضا أهل الكرة المصرية من وجع البعاد عن المونديال.. وأن يجتمع كبار اللعبة فى العالم فى قطر 2022 وتغيب مصر.

والوجع هذه المرة لا يشبه غياب الكرة المصرية عن المونديال فى مرات كثيرة سابقة.. إنما يصبح الغياب عن مونديال 2022 هو المرة الرابعة التى تعيش فيها الكرة المصرية وجع الغياب الأكثر حزنا فى تاريخها.

فالمرة الأولى كانت حين غابت مصر عن أول مونديال فى التاريخ رغم دعوتها رسميا لكن تعطل مركب المنتخب المصرى فى البحر المتوسط منعه من اللحاق بالباخرة التى ستعبر المحيط الأطلنطى إلى أوروجواى 1930.. والمرة الثانية كانت حين اضطرت مصر للغياب عن مونديال شيلى 1970.. ففى 1966.

قادت مصر حرب القارة الإفريقية ضد الفيفا بسبب عدم تخصيص مكان دائم لدولة إفريقية وانسحبت مصر وإفريقيا كلها من التصفيات مع تهديد بالانسحاب من الفيفا أيضا الذى استجاب وخصص مكانا لإفريقيا فى المونديال التالى 1970.. وتمنت مصر أن تحتفل بانتصارها الكروى وتشغل هذا المكان الجديد فى مونديال 1970 لكنها اضطرت للانسحاب نتيجة خسارة الحرب فى 1967 وتوقف النشاط الكروى.. والمرة الثالثة كانت حين استضافت إفريقيا المونديال لأول مرة فى جنوب إفريقيا 2010.

وهو المونديال الذى حاولت مصر استضافته وخسرت ولم تنل أى صوت وتخيلت أن تألق منتخبها ونجاحه الإفريقى الساحق وحتى الدولى أيضا سيكون هو العزاء عن الفشل الكروى الإدارى.. لكن لم ينجح المنتخب فى التأهل لتغيب مصر عن أول مونديال فى إفريقيا رغم أنها الدولة التى أسست الاتحاد الإفريقى وبطولة أممها الكروية.. والمرة الرابعة كانت حين نجحت قطر فى استضافة أول مونديال يقام على أرض عربية.. وعادت مصر تتمنى المشاركة فى هذا المونديال العربى.. لكنها خسرت من جديد وعاشت مرة أخرى مع أهلها وجع البعاد.
نقلا عن المصرى اليوم