أفاد تقرير للبنك الدولي، أن المغرب بحاجة لاستثمار 78 مليار دولار حتى عام 2050 من أجل مواجهة آثار تغير المناخ، على أن يغطي القطاع الخاص حصة 85% منها، بحسب البنك الدولي.

التقرير الذي أنجزه خبراء اقتصاديون من البنك الدولي ومن بينهم مغاربة، صدر مؤخراً تحت عنوان "المناخ والتنمية"، إذ أوصوا بضرورة استثمار نحو 23.3 مليار دولار من الآن حتى 2030، و25 مليار دولار بين عامي 2031 و2040، و29.5 مليار دولار بين عامي 2041 و2050، أي ما يناهز 3 مليار دولار سنوياً.

وأضاف التقرير أن هذه الاستثمارات يمكن أن تكون تدريجية على مراحل، لكن العائد سيكون كبيرا، مما يجعل المغرب أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة والصادرات، بالإضافة إلى تعزيز النمو الاقتصادي.

بؤرة مناخية
أضحى المغرب يُعتبر بؤرةً مناخية حارة خلال السنوات الأخيرة، وأحد أكثر بلدان العالم معاناةً من شح المياه، إذ يقترب بسرعة من الحد المطلق لندرة المياه البالغ 500 متر مكعب من المياه للشخص الواحد سنوياً، وفقاً لمعطيات حديثة للبنك الدولي.

وواجه المغرب هذا العام موسم جفاف هو الأقوى منذ أربعة عقود، مما أثر في النمو الاقتصادي الذي لن يتجاوز مع نهاية العام 0.8% لتقديرات بنك المغرب، ولا تزال السنة الفلاحية الجديدة تتسم بالضبابية بفعل تأخر التساقطات، إذ لم تعرف معظم المناطق في البلاد، إلى حدود نوفمبر الجاري، سوى بضع تساقطات رعدية متفرقة غير كافية لملء السدود، التي بلغت مستويات ملء جد متدنية.

في هذا الصدد أبرز عبد الحكيم الفلالي، أستاذ باحث بالكلية متعددة التخصصات بخريبكة في حديث لسكاي نيوز عربية، أن تحليل المعطيات المرتبطة بتطور التساقطات بالمغرب، أثبت أن ما يحدث ليس ظرفيا، بل هناك نزعة عامة نحو الانخفاض بحوالي 1.5 ملم سنويا، إذ تراجع المعدل الوطني لكميات الأمطار من حوالي 700 ملم في بداية القرن العشرين إلى أقل من 500 ملم في مطلع القرن الواحد والعشرين. كما تدل هذه النزعة على أن مناخ البلاد أصبح أكثر جفافا، مما كان عليه في بداية القرن العشرين.

استثمارات متأخرة
من جانبه علق الخبير الاقتصادي رشيد ساري، على تقرير البنك الدولي، قائلا "لقد تأخر المغرب كثيراً في الاستثمار في المناخ، خصوصا أننا لاحظنا خلال مدة ليست بالقصيرة تحولا خطيرا، مس عددا من الدول بشمال أفريقيا وبالشرق الأدنى؛ وقد لاحظنا تمدد فصل الصيف وارتفاع الحرارة بشكل مفرط وغير مسبوق، أدى إلى مجموعة من الاختلالات، من بينها ندرة المياه.

وأكد في حديث مع "سكاي نيوز عربية"، أن "تعاقب سنوات الجفاف، أصبح أكثر حدة بالمقارنة مع سنوات الثمانينات والتسعينات، إذ كنا نعيش سنة من الجفاف كل خمسة أعوام، أما الآن فأصبحنا نعيش ثلاث سنوات من الجفاف كل خمسة أعوام. أمام هذه التقلبات نتساءل، ماذا أعددنا؟".

وتابع ساري أن هناك استنزاف كبير للثروات المائية، إلى جانب مخططات فلاحية غير معقلنة، وكذا تصدير المياه بطريقة غير مباشرة من خلال الزراعات التي تستهلك كميات كثيرة من الماء. إذن فالتفكير الذي أصبح اليوم سائدا، هو ضرورة مواجهة هذه التغيرات عن طريق استثمارات ستنكبّ على تحلية المياه، وإحداث تقنيات جديدة لتخزينها، لأن السدود المتوفرة حاليا لا تمكن من تخزين الكميات اللازمة، وفي هذا الصدد فقد خصص المغرب ميزانية تصل إلى حوالي مليار دولار في موازنة 2023.

تجدر الإشارة إلى أن تقديرات سابقة للبنك الدولي، كشفت أن الكوارث الطبيعية، مثل الفيضانات والزلازل ونوبات الجفاف، تتسبَّب في خسارة المغرب لأكثر من 575 مليون دولار سنوياً. كما أكدت الوكالة التابعة للأمم المتحدة، أن "التوسع العمراني السريع وتغير المناخ، ينذر بزيادة تواتر الظواهر المرتبطة، بأحوال الطقس وشدتها."

وكشف البنك الدّولي أن "المغرب من بين أكثر البلدان تعرُّضاً للمخاطر المرتبطة بالظواهر الجيولوجية والمناخية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".