رفعت يونان عزيز
في كل صوم رحلة من أجمل وأكثر فائدة لحياة الإنسان , فلهما في صوم الميلاد نسترسل معاً أحداث وطريق هذه الرحلة التي غيرت التاريخ العالمي .  وقبل أن نخوض في رحلتنا تعالوا معاً نعرف نبذة صغيرة عن هذا الصوم . عندما نرجع للكتاب المقدس في العهد القديم نجد هناك أصوام كثيرة منها صامها الأنبياء ومنها صامها الشعب والأنبياء وكل الخدام . فلكل صوم هدف ورسالة هامة لحياة أفضل للإنسان " الحياة الروحية والحياة الجسدية وكلما كانت في مفهوم صحيح ومقرون بالصلاة القوية زاد النفع لصاحبها . هذا الصوم هو 40 يوم صامها موسي النبي لاستلام  الشريعة علي جبل سيناء وأما 3 أيام الباقية  أضيفت لمدة الصوم في عهد الأنبا أبرام بن زرعه البابا 62 ( 975 -979 ) تذكارا للأيام ال 3 التى صامها الأقباط للرب فى أمر جبل المقطم والتى انتهت بنقل الجبل فحفظ الأقباط هذا التذكار شهادة للتاريخ علي يد سمعان الخراز .

أما صومنا رحلة استعداد .. إذ تهيئ الكنيسة مؤمنيها لاستقبال الكلمة المتجسد ليحل بالإيمان في قلوبنا , لكي نتأمل ونتيقن عظمة وقوة هذا السر , سر أستعلان الله في جسد إنسان " عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد " (1تي 3: 16) . فعلينا أن نعيش رحلة الصوم صيانة وتطهير للحواس ولكل فكر ومع صلواتنا القلبية النقية لكي نستطيع أن نفهم ونعيش فرحة التجسد الإلهي والخلاص والتحرر من عبودية إبليس ففي رحلتنا يجب أن نضع السلام داخلنا فتشرق الفرحة وتظهر علي الوجوه في لمعان ونضرة  . فإذا وثقنا في الله كلي المحبة معطي السلام والأمان ووثقنا في قدرته علي كل شئ ,  فلا نخاف  مهما كانت حولنا  زوابع  من المشاكل المتعددة أو أمراض وفقر وغلاء , مضايقات اضطهاد حروب وغيرها من الأحداث المخيفة . لأن كل وجع أو الآم أو مرض وضيق لا نحس به لأن الله يسيج حولنا ويخفف كل هذا ولم يدعها تطول لأنها تكون محدده ومن العظمة نجد الله في وسطها يحمل عن نيرها ولم نصاب بأي أذي . فحين استقبلت أمنا العذراء بشارة الملاك بكلمة الله بأنها سوف تحبل وتلد مخلص العالم  دون زرع بشر . "فَدَخَلَ إِلَيْهَا الْمَلاَكُ وَقَالَ: «سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِي النِّسَاءِ»." (لو 1: 28).

بالرغم من هذا الأمر كان غريب علي مسمعها كيف تحبل وتلد إلا نجد السلام جعلها تقول هوذا أنا آمة الرب ليكن لي كقولك وهكذا حين ذهبت السيدة العذراء لأليصابات :-دخلت مريم لبيت أليصابات تحمل عريسها في أحشائها لذلك إذ سلمت عليها يقول الإنجيلي: "فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت أليصابات من الروح القدس" (لو 1: 41). فانطلق لسان أليصابات يعلن عما في داخلها منسجمًا ومتناغمًا مع جنينها يوحنا إذ "صرخت بصوت عظيم وقالت: مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك، فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلى؟! فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني، فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو 1: 42 – 45). فالسلام الداخلي هبة من الله و لا يكون إلا إذ كانت المحبة قوية ونابعة من القلب دون مصالح لأن المحبة لكل الخير هي قوة الإيمان بكلي المحبة وملك السلام الرب يسوع المسيح مخلص وفادي العالم . فلا أمان ولا راحة بال ولا استقرار ولا خوف من أي خطر وأحداث شريرة إلا بتوفر السلام الحقيقي الذي أعطاه لنا المسيح   "«سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ." (يو 14: 27).