د.ماجد عزت إسرائيل
يقع دير الأنبا صموئيل شمال غرب مدينة مغاغة في برية القلمون بالصحراء الغربية التي هي الامتداد الطبيعي لبرية وادي النطرون، وبرية شيهيات أو الأسقيط جنوباً. وجبل القلمون يقع شمال وادي المويلح، أو الوادي المالح غرب مدينة العدوة شمال محافظة المنيا، ويحيط بالدير من الجهة الشرقية والشمالية جبل القلمون ومن الجهة الغربية جبل الغاليون، ويمكن الوصول إلى الدير حاليًا،من خلال طريق القاهرة- أسيوط بطول 180 كيلومترا، وبعمق 25 كيلومترا غربا في عمق الصحراء الغربية.
ويرجع تاريخ تشيد دير الأنبا صموئيل إلى القرون الأولى الميلادية الذي نشطت فيها الحركة الديرية الرهبانية في برية القلمون، ثم سرعان ما تعرض هذا الدير للتخرب بين أواخر القرن الخامس وأوائل القرن السادس الميلادي، وقد ظل مجهولاً وأندثر تحت الرمال إلى أن إعاد اكتشافة الأنبا صموئيل إلى الوجود الرهباني في النصف الأول من القرن السابع الميلادي. وقد أَطلقَ على الدير عدة مسميات منها دير برية القلمون، ودير السيدة العذراء، ودير الأنبا صموئيل المعترف، أو بستان جبل القلمون. ومن الجدير بالذكر أن مساحة هذا الدير تبلغ مساحته تبلغ نحو ستة عشر فدانًا، وبه عين للمياه، وبستان بها أشجار الزيتون والنخيل وله ملاحات يستخرج منها الأملاح سنوياً. ويضم الدير مجموعة من الكنائس منها كنيسة على اسم السيدة العذراء والأنبا صموئيل، والأنبا مصائيل السائح، وكنيسة الشهداء، بالإضافة إلى مغارة الأنبا صموئيل والتي تبعد نحو 5 كم عن الدير. ووصل عدد رهبان هذه الدير في عام 1178م نحو ما يقرب 200 راهباً.وقد تخرج من هذا الدير بطريركان هما البابا تيموثاوس الثاني البابا-26(454-477) ، والبابا غبريال الخامس البابا -88 (1409-1427م).
ولم يفت الرحالة والمؤرخين دير الأنبا صموئيل في كتاباتهم فذكره المقريزي قائلاً: «تحت عقبة القلمون يتوصل المسافر منها إلي الفيو يقال لها عقبة الغريق وبني هذا الدير علي اسم صمويل الراهب وكان في زمان الفترة ما بين عيسي ومحمد صلي الله عليهما وسلم ومات في ثامن كيهك. وفي هذا الدير نخل كثير يعمل من تمره العجوة وفيه أيضًا شجر اللبخ ولا يوجد إلا فيه وثمره بقدر الليمون.طعمه حلو في مثل طعم الرامخ ولنواه عدة منافع وقال أبو حنيفة في كتاب النبات ولا ينبت اللبخ إلا بأنصنا وهو عود تنشر منه ألواح السفن وربما أرغف نشرها ويباع اللوح منها بخمسين ديناراً .. وفي هذا الدير قصران مبنيان بالحجارة وهما عاليان كبيران لبياضهمااشراق وفيه أيضًا عين ماء تجري وفي خارجه عين أخري وبهذا الوادي عدة معابد قديمة وثم واد يقال له الاميلح فيه عين ماء تجرى ونخيل مثمرة تأخذ العرب ثمرها وخارج الدير ملاحة يبيع رهبان الدير ملحها فيعم تلك الجهات».كما وصفه الرحالة يوهان ميشيل فانسليب قائلاً: «بعيداً عن ذلك الشاطيء نفسه دير الطوباوي أنبا صموئيل علي جبل القلمون حيث صورة عجائبية للسيدة العذراء ».
وقد ظل دير الأنبا صموئيل المعترف عامراً بالرهبان حتى القرن الخامس عشر الميلادي وبعدها تعرض للخراب.فربما يرجع ذلك لضعف الموارد الاقتصادية، وانتشار الأمراض والأوبئة واعتداءات البربر المستمرة على الأديرة.وظل هذا الحال1897م حتى استطاع الراهب أسحق المنياوي أو البراموسي ومعه آخرون من تعمير كنيسته والقلالي المجاورة له. ووصل القمص عوض ميخائيل القلموني(1876-1942م) الحفاظ على بقاء الحياة الرهبانية بهذا الدير. وفي 1944م أسند الأنبا أثناسيوس مطران بني سويف رئاسة هذا الدير للقمص مينا البراموسي(فيما بعد البابا كيرلس السادس) لتعميره والنهوض برهبانه. وفي عام 1948م ذهب إليه يوسف إسكندر أو أبونا لطوباوي متى المسكين طالباً الرهبنه بها.