لم تدفع وزارة المالية في لبنان أي مستحقات واجبة عليها لمصلحة المستشفيات الخاصة في البلاد، هذا العام، وهو ما يهدد بقاء هذه المستشفيات التي تعاني أزمة مالية خانقة.

وجذر هذه المسألة سياسي أكثر منه اقتصادي، فمستحقات المستشفيات تبلغ نحو ألف مليار ليرة لبنانية (حوالى 25 مليون دولار)، لكن صرف هذا المبلغ يعتمد على مرسوم يصدر من مجلس الوزراء في لبنان، وهو ما يبدو متعذرا حاليا.

أسباب الأزمة
ونشأت الأزمة الصحية نتيجة عدم انعقاد مجلس الوزراء في مرحلة الفراغ الرئاسي المستمر لأجل غير مسمى، بعد تعذر انتخاب رئيس جديد للجمهورية خلفا لميشيل عون الذي انتهت ولايته في أكتوبر الماضي.

ويستمر الخلاف حول تفسير الدستور بين الأفرقاء اللبنانيين، فيعتبر البعض وعلى رأسهم التيار الوطني الحر (حزب رئيس الجمهورية السابق ميشال عون) أن صلاحيات رئاسة الجمهورية لا تنتقل إلى حكومة تصريف الأعمال لأنها مستقيلة، كما لا يحق لها الانعقاد في ظل الفراغ الرئاسي.

في المقابل، يقارب أفرقاء آخرون الموضوع، مثل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري، بطريقة مختلفة، ويعتبرون أن من صلاحيات الحكومة المستقيلة والتي تقوم بتصريف الأعمال القيام ببعض المهام الضرورية وفي إطار محدود وإقرار قوانين مهمة ترتبط بحياة المواطنين الضرورية والملحة.

أولوية المستشفيات
لكن المستشفيات لا يهمها هذه الخلافات السياسية، إنما الذي يمهما هو منحها القدرة على توفير العلاج للمرضى، كما تقول.

ويوضح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لموقع "سكاي نيوز عربية": "نحن كمستشفيات لا تهمنا الاعتبارات السياسية وصلاحيات الحكومة في غياب رئيس الجمهورية، وما يهمنا هي قدرتنا على تأمين كلفة العلاج للمواطن اللبناني".

وأضاف: "لدينا حالات حرجة لمرضى غسيل الكلى والسرطان والعلاج الكيميائي والقلب، ولا يمكنها أن تنتظر الوضع السياسي، وهذه الحالات فوق الاعتبارات السياسية والطائفية".

وأضاف أن وزارة الصحة سبق أن وقعت العقود اللازمة مع المستشفيات الخاصة، ولكن الأمر يتطلب مرسوما يصدر عن مجلس الوزراء ليتم صرف مستحقات المستشفيات على الدولة اللبنانية

وأضاف أن "وزارة المالية لم تدفع للمستشفيات الخاصة ما يتوجب عليها من مستحقات عن عام 2022 الذي انقضى، ولا حتى دفعة واحدة، ومن الضروري أن تجتمع الحكومة وتوقع المرسوم قبل 15 ديسمبر المقبل أي قبل نهاية العام لإتمام المعاملات المالية".

محاولات للحل
رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، وفي اجتماع مصغر بحضور وزيري الصحة فراس الأبيض والمال يوسف الخليل ورئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله، استمع إلى نقيب المستشفيات الخاصة في لبنان سليمان هارون ووعده بحل مناسب للأزمة.

وقال ميقاتي إنه سيعقد جلسة للحكومة الأسبوع المقبل لوضع الأمور في نصابها الصحيح، وكان هناك تأكيد على ضرورة إيجاد حل بعيدا عن المزايدات الطائفية، وعلى الصلاحيات الممنوحة للحكومة في غياب رئيس الجمهورية.

وحصل هارون على وعد من الرئيس ميقاتي بحل القضية عبر الدعوة لمجلس الوزراء أو عبر مرسوم جوال يوقعه الوزراء المعنيون إذا لزم الأمر.

رأي قانوني
ومن جانبه، قال المحامي الدكتور بول مرقص رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية لموقع "سكاي نيوز عربية": "حكومة تصريف الأعمال لا تجتمع في المبدأ خصوصا مع حصر أعمالها بالمعنى الضيق كما جاء في المادة 64 من دستور ما بعد الطائف، إلا في حالات الضرورة القصوى التي تحتم الاجتماع للتصدي لأمور طارئة وملحة لا تحتمل التأجيل ولا تعالج إلا باجتماع الحكومة كضرورة تأمين استمرار عمل المستشفيات في البلاد".

وأضاف: "يصح الاجتماع بالحد الأدنى الضروري في حال شغور سدة رئاسة الجمهورية ودون طرح أية بنود أخرى على جدول الأعمال تحتمل التأجيل، ومنطلق الاجتماع الضروري هو المبدأ الدستوري القاضي بتأمين استمرار سير المرافق العامة للدولة".