هاني صبري - المحامي
تقدمت الحكومة بمشروع قانون لمجلس النواب تطالب فيه، بإضافة فقرة ثانية إلى نص المادة رقم ( 78 ) من قانون الإجراءات الضريبية الموحد الصادر بالقانون رقم 306 لسنة 2020، ونصها الآتي مادة ( 78 ) فقرة فقرة ثانية : ولا تخل أحكام المادتين رقمي 140 ، 142 من قانون البنك المركزي رقم 194 لسنة 2020 ، بالإفصاح عن معلومات لدي البنوك لأغراض تبادل المعلومات تنفيذاً لأحكام الاتفاقيات الضريبية الدولية النافذة في مصر.
في تقديري الشخصي الإفصاح عن سرية حسابات العملاء الذي تضمنه مشروع هذا القانون قد يساء فهمه ويثير تخوفات الكثيرين أن حساباتهم قد تكون معرضة للإفشاء بالمخالفة للقانون وربما يضر ذلك بالاقتصاد على الرغم من ان الدولة تبذل مجهودات حثيثة لتشجيع الاستثمارات .
حيث وضع قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى، الصادر بالقانون رقم 194 لسنة 2020، ضمانات لحماية سرية حسابات عملاء البنوك.
واشترط القانون في المادة 140 منه على ثلاث حالات للكشف عن سرية الحسابات البنكية وهي الحصول على إذن كتابي من صاحب الحساب أو الوديعة أو الأمانة أو الخزينة أو من أحد ورثته أو من أحد الموصي لهم بكل هذه الأموال أو بعضها أو من نائبه القانوني أو وكيله، أو بناء على حكم قضائي، أو حكم تحكيم. علي ان تكون جميع بيانات العملاء وحساباتهم وودائعهم وأماناتهم وخزائنهم في البنوك وكذلك المعاملات المتعلقة بها سرية ، ولا يجوز الاطلاع عليها أو إعطاء بيانات عنها بطريق مباشر أو غير مباشر إلا بإذن كتابي ، ومع عدم الإخلال بالاستثناءات الواردة بهذا القانون ، يسرى الحظر على جميع الأشخاص والجهات بما في ذلك الجهات التي يخولها القانون سلطة الاطلاع أو الحصول على الأوراق أو البيانات المحظور إفشاء سريتها طبقا لأحكام هذا القانون ، ويظل هذا الحظر قائماً حتى ولو انتهت العلاقة بين العميل والبنك لأي سبب من الأسباب .
كما تنص المادة (141) من ذات القانون على إنه إذا اقتضى كشف الحقيقة في جناية أو جنحة قامت الدلائل الجدية على وقوعها ، يجوز للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول على الأقل ، من تلقاء نفسه أو بناء على طلب جهة رسمية أو أحد من ذوى الشأن ، أن يطلب من محكمة استئناف القاهرة الأمر بالاطلاع أو الحصول على أي بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن المنصوص عليها في المادة (١٤٠) من هذا القانون أو المعاملات المتعلقة بها .
ولأي من ذوى الشأن في حالة التقرير بما في الذمة بمناسبة حجز موقع لدى أحد البنوك الخاضعة لأحكام هذا القانون أن يتقدم بالطلب إلى محكمة الاستئناف المختصة .
وتفصل المحكمة منعقدة في غرفة المشورة في الطلب خلال الأيام الثلاثة التالية لتقديمه بعد سماع أقوال النيابة العامة أو ذي الشأن .
وعلى النائب العام أو من يفوضه في ذلك من المحامين العامين الأول على الأقل وعلى ذي الشأن بحسب الأحوال إخطار البنك وذوى الشأن بالأمر الذي تصدره المحكمة خلال الأيام الثلاثة التالية لصدور .
ويبدأ سريان الميعاد المحدد للتقرير بما في الذمة من تاريخ إخطار البنك بالأمر المذكور .
ويكون للنائب العام أو من يفوضه من المحامين العامين الأول على الأقل أن يأمر مباشرة بالاطلاع أو الحصول على أي بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن المنصوص عليها في المادة (١٤٠) من هذا القانون أو المعاملات المتعلقة بها إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في الجرائم منها المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بمكافحة غسل الأموال ومكافحة وتمويل الإرهاب .
وتحظر المادة (142) من ذات القانون ، على كل من يتلقی أو يطلع بحكم مهنته أو وظيفته أو عمله بطريق مباشر أو غير مباشر على معلومات أو بيانات عن العملاء أو حساباتهم أو ودائعهم، أو الأمانات أو الخزائن الخاصة بهم أو معاملاتهم إنشاؤها أو تمكين الغير من الاطلاع عليها وذلك فى غير الحالات المرخص بها بمقتضى أحكام هذا القانون، ويستمر هذا الحظر بعد تركهم للعمل.
وحدد قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي عقوبات الكشف عن سرية الحسابات البنكية في غير الحالات المنصوص عليها في هذا القانون ، حيث نصت المادة 231 منه على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تجاوز خمسمائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من خالف أيًا من أحكام المادة 140 و142، وتتعدد الغرامات بتعدد المجني عليهم.
قد يتذرع البعض للدفاع عن ان مشروع هذا القانون إنه جاء وفقاً للاتفاقات الضريبية الدولية وإذا كان هذا هو رأيهم فهذا مردود عليه
التزام الدولة المصرية بالاتفاقات الدولية الموقعة عليها لا يحتاج إلى قانون ، وبإعتبار أن مصر وقعت علي هذه الاتفاقيات والمعاهدات فهي جزء من القانون المصري عملاً بالمادة 151 من الدستور ، واتفاقيات فيينا لقانون المعاهدات لعام ١٩٦٩م.
وهذا المبدأ هو النتيجة المنطقية لسمو القانون الدولي علي القانون الداخلي، وتنفيذ المعاهدات والاتفاقات الدولية باعتبار كونها تشغل الذمة المالية للدولة وهي قانوناً للبلاد وفقاً للدستور ومن ثم لسنا في حاجة إلى مشروع هذا القانون وللاسف الشديد قد يستغله إعداء الوطن في الداخل والخارج ويُزعموا أن بعض الجهات تكشف سرية حسابات العملاء وهذا قد يضر بمناخ الاستثمار ، وضرر مشروع هذا القانون كبيرة وقد لا يحمد عقباه ، لذلك يجب رفضه لمخالفته للقانون .
وبناء عليه فإنني أناشد مجلس النوّاب رفض مشروع قانون الإفصاح عن تبادل المعلومات البنكية للأغراض الضريبية.