كتب: محرر الاقباط متحدون
"ليا فترة بفكر مش عايز اموت وحيد" اخر كلمات قالها الطبيب الشاب مايكل هلال الذى فارق الحياة اليوم إثر رحلة طويلة مع المرض.
وقد تحولت صفحته على الفيسبوك لدفتر عزاء من قبل اصدقائه ومحبيه، فهو شاب في الثلاثينات، كان يتميز بالاخلاق الجيدة وايضا ذكائه الشديد، أصيب بجلطة في المخ، وشخص الحالة باعتباره طبيب فالحالة خطيرة وأقصى شخص عاسدش بها ٣ سنين، لذلك دخل في اكتئاب شديد وحاول الانتحار.
وكتب اصدقائه" انا اعرف مايكل من ٢٠١١ وعارف اد ايه هو انسان مخلص اوي وبيحب شغله جدا وجراح شاطر وقارئ ومثقف ..
مايكل زمان كان بوصلة سابقة عقول كتير اوي بيجمع حاجات كتير زي الثورة والعلم والفهم والعقل والجنون ، حالة مفيش منها كتير
مش قادر اتخيل شاب في التلاتينات يتصاب بجلطة في المخ وباعتباره دكتور يشخص الحالة أنها خطيرة جدا لدرجة اقصي ناس عاشت بعدها ٣ سنين وبعد كده يدخل في اكتئاب شديد يوصله أنه يقطع شرايين ايده ويحاول ينتحر ٢٠١٩ عشان يتخلص من كابوس اسمه الحياة و بعدين النهارة يرتاح
يا رب تكون لقيت الراحة إللي كنت بتدور عليها ..
صلوا لمايكل"
وكتب أخر"لله يرحمك يا مايكل. خبر حزين جدا.
البوست دة كتبه مايكل من ٣ سنين، و انا نقلته من صفحته لانه درس للاهل اللي ممكن يدمروا ولادهم من غير ما يدروا او بحسن نية او بقصد.
ربنا يرحمك يا دكتور مايكل. الف رحمة و نور عليك. استريحت.
·
وكان مايكل "المهم أنا أنهاردة عرفت أنا عندى ايه و إيه سبب ال جلطات أللى بتجيلى (بالنسبة للى ميعرفنيش من سنتين مثلا.. أنا جات لى جلطة فى شريان فى البطن من سنة و شهرين حاجة إسمها MVO و بسببها عملت BOWEL RESECTION أو بالعربي عمليتين استئصال امعاء.. و بعدين جات لى STROKE أو جلطة فى المخ بس كبيرة شويتين من تلات شهور بالظبط و أثرت على الحركة فى الايد و الرجل الشمال.. مع شوية اعراض كتير تانى كدة ع الماشي).. المهم أنا عندى مرض مناعة ذاتية إسمه متلازمة هيوز HUGHES SYNDROME.. او sticky blood syndrome (الدم الملزّق يعنى) و الاسم العلمى بتاعه primary antiphospholipid antibodies syndrome او متلازمة الاجسام المضادة للفوسفوليبيدات.. المرض ده نادر جدا و نسبة إنه ييجى لحد أقل من 5 /100,000.. قبل ما الناس تسأل.. لا ملوش علاج غير إنك تسيطر على سيولة الدم.. و لا ملوش أسباب معروفة.. بس فيه دراسات ربطته بحاجات تانية زى أدوية معينة أو متلازمات تانية.. فيه حاجات مش هينفع أقولها و محدش يعرفها غير الناس أللى تعرفنى كويس آوى.. بس آه فيه حاجات عملتها أمى هى أللى جابت لى المرض ده..
أو من الآخر كدة.. بعد ما أبويا مات من سنتين و نص.. امى جابت لى بلطجية كتفونى و ربطونى و شحنونى لمستشفي نفسي و علاج إدمان.. بادعاء انى مدمن و عشان يعملولى تقويم نفسي و سلوكى عشان أنا ملحد و خمورجى و نسوانجى فى نظر أمى و أخويا الأنبياء .. أنا باشرب خمور و حشيش.. المهم اتحبست بين المستشفي دى و الفيلا بتاعة إعادة التأهيل لمدة شهرين بالتمام و الكمال من 30 نوفمبر 2017 لحد 30 يناير 2018.. معظمهم كان حبس انفرادى آكتر من16 ساعة يوميا.. فى أوضة ع السطح سقفها صاج و بتتقفل بباب حديد.. كانت فترة الحبس بتتراوح فى الساعات هى و عدد السجاير.. كعقاب لعدم الالتزام أو الامتناع عن الاكل و الأدوية.. الامتناع عن الأدوية كان الحل بتاعه سهل طبعا.. حقنة هالبيريدول و نيوريل و العيان هيبقي هادى و مطيع أو غايب عن الوعى أصلا..
طيب لنفترض انى باكدب.. و ان أنا فعلا كنت مدمن هيروين و كوكايين و كنت باسرق دهب امى و أبيعه عشان المخدرات و بعت عفش بيتنا عشان أجيب ال هيروين.. لنفترض يعنى..
و لنفترض برده انى مكنتش دكتور جراحة قلب و صدر و باروح الشغل و باقعد فى المستشفي بال ٥ أيام متواصل كل أسبوع..
شوف سبحان الله يا مؤمن.. أنا لسة ملحد و لسة باشرب خمور و heavy smoker كمان.. بس تخيل برده يا مؤمن مفيش اى دراسات مسجلة إن ال هيروين و الكوكايين و الخمور و التدخين ليهم اى علاقة بالمرض أللى عندى..
تخيلوا بقي إيه أللى ليه علاقة مباشرة و هتلاقيها رقم 1 فى الاسباب الممكنة لمتلازمة هيوز.. عشان أللى حابب يعمل سيرش.. الأدوية النفسية عموما و بالتحديد ال anti psychotic drugs و بتحديد اكتر ال typical anti psychotics او ال phenothiazines.. أللى هى الجرعات المهولة من ال chloropromazine و ال haloperidol و ال resperidone و مضادات الذهان..
النتيجة انى لسة ملحد و خمورجى و نسوانجى.. بس فقدت الثقة فى أمى أللى هى المفروض مصدر الثقة.. و آخر شخص ممكن تتخيل إنك تكرهه فى حياتك.. و آخر شخص ممكن تتخيل إنه ممكن يدمر حياتك و صحتك و مستقبلك بالبطئ.. أكيد مش قصدها طبعا.. بس ياريت محدش يقولى مش قصدها عشان هاخسره و اعمله بلوك.. لإنه أكيد مش قصدها..
بس ده irrelevant و ملوش اى علاقة بال outcome..اصلا فكرة إنك تجيب بلطجية يكتفوا و يربطوا و يشحنوا جراح عنده 30 سنة.. لاى سبب.. مش عارف أتخيل الناس دى بتفكر إزاى.. أنا ليا سنتين فى الدوامة دى و مفيش يوم بيعدى عليا من غير ما إفتكر كل لحظة انتهاك و امتهان و معاناة و الم جسدى و نفسي و كل لحظة عجز و قهر سواء فى الحبس ال انفرادى أو الاجبار و القمع.. و كل لحظة الم قبل العملية الأولى.. و لما كنت هاموت بعد العملية التانية.. او لما جالى شلل فى النص الشمال و وقعت من طولى و أنا فى المستشفي و زمايلى شالونى و عملولى الاشعات و قالولى إن عندى MASSIVE stroke..
عموما ال APS ممكن يكون مؤقت و يخف لوحده خصوصا انى عرفت إيه ال RISK FACTOR..
وات ايفر.. إحنا عايشين فى سلام.. بس أنا مش مسامح ولا هاعرف أسامح ولا هاعرف انسي.. ده لو فضلت عايش يعنى.. 11% من المرضى بتوع ال APS بيموتوا من sudden heart attack.. او سكتة قلبية مفاجئة يعنى..
معلش بقي صدعتكم..