أشرف حلمي
فتوى متكررة تخرج علينا كل عام فى جميع المناسبات والإحتفالات المسيحية بالتهنئة منها عيد رأس السنة الميلادية ، وأعياد الميلاد والقيامة ، وتخرج علينا الصحافة والإعلام بعناوين براقة ومنها على سبيل المثال " الإفتاء تؤكد: لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم " ، " الإفتاء تحسم الجدل حول حكم تهنئة المسيحيين بأعيادهم " ، " دار الإفتاء: يجوز للمسلمين الاحتفال بعيد الميلاد وتهنئة المسيحيين " و " الطيب والإفتاء يحسمان الأمر فى حكم تهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد " وكأن اخوتنا المسلمون ينتظرون فتوى التهنئة من دار الفتوى ، علماً بأن معظم الاخوة المسلمون من أبناء الشعب المصرى يسرعون بالتهاني حباً فى الله وشركائهم فى الوطن دون الانتظار الى الفتوى طبقاً للآية الكريمة " لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين " ، وقد أكدت دار الإفتاء المصرية قبل يومين بأنه لا مانع شرعًا من تهنئة غير المسلمين في أعيادهم ومناسباتهم، وليس في ذلك خروج عن الدين كما يدعي بعض المتشددين ، كما قام شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بتقديم التهنئة الى المسيحيين وقادة الكنائس من باباوات ورؤساء أساقفة الكنائس .
فى واقع الأمر ما تقوم به دار الإفتاء بإعادة تجديد فتوى تهنئة المسيحيين فى كل عيد على مدار السنوات السابقة ، يدعو للشك الى أنه بالإمكان تغييرها أو إلغائها فى أى وقت طبقاً لهوى الشارع المصرى أو حال تغيرت الحكومة وجاءت حكومة إسلامية على خطى حكومة مرسى الإخوانية ، فى الوقت الذى قام به مجموعة من المتشددين بالاعتداء على كنيسة القديسة العذراء والانبا صموئيل بكفر الدوار في محافظة البحيرة ، ووقف ترميم سقف الكنيسة الحاصل على رخصة رسمية بالإحلال والتجديد الذى سقط منه أجزاء قبل عامين ، وأيضاً بالتزامن مع إنشغال الرأي العام المصري والعالمي لما قامت به وزارة التضامن الاجتماعي بعزل الطفل شنودة عن أبوية بالتبني ووضعة فى دار للأيتام فى الوقت الذى ترفض فيه الوزارة لقاء الأبوين بالطفل ، فى انتظار الحكم فى القضية فى فبراير المقبل .
كنا ننتظر من مشيخية الأزهر ودار الفتوى برعاية شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ، بالعمل الجاد نحو تجديد الخطاب الدينى وتقبل الآخر طبقاً لما دعا اليه فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد الفتاح السيسي عدة مرات فى الكثير من المناسبات لمواجهة التطرف والطائفية ، والحد من الاعتداءات التى قام ومازال يقوم بها المتشددون على العديد من الكنائس لإيقاف ترميمها و إعادة بنائها أو بناء كنيسة جديدة ، وإدانة هذه الاعتداءات ، والانتباه لما قاله الرئيس السيسى فى احتفالية وزارة الأوقاف بليلة القدر " لما بنينا كنيسة كنا بنقدم ديننا ، كنت بقدم الدين اللى أنا فاهمه وعارفه ، وأنا مبحبش أقول مسلم ومسيحى ، واللى غير كدا فاهم غلط ، أخوكم فرحان وأنا فرحان لفرحه وبحتفل معاه ، ولو أنت عندك غضاضة لما تشوف كنيسة فتش فى كمال إيمانك وأنت مالك عسى تنجو أمام الله ، خليك أمين على دينك أنت ".
وكنا ننتظر أيضاً من فضيلة شيخ الأزهر إبداء الرأى فيما يخص قضية تبني الطفل شنودة للعودة الى أبويه فى أسرع وقت ممكن لتحسين صورة مصر بدول الخارج التى ثارت القضية ، حتى يمكن تعديل قانون التبني قبل فبراير المقبل ويتمكن القاضى بالحكم العادل طبقاً للقانون الجديد وليس القانون الحالي الذى أعتبر الطفل شنودة فاقد الأهلية ويعد "مسلما بالفطرة" ، وسط توقعات بتنحي القضاء لاستشعاره الحرج والعودة الى نقطة الصفر ، كما حدث فى قضايا سابقة تخص الشأن القبطي .