أبمن زكى
في مثل هذا اليوم من سنة 2990 للعالم تنيح الملك العظيم والنبي القديس الكريم داود بن يسى المرنم بالمزمور و المرتل بالالحان..
وهو ثاني ملك علي بني إسرائيل، وأول من سار السيرة الفاضلة العادلة الكاملة من ملوكهم، وكان من سبط يهوذا من بيت لحم، فأنتخبه الله ملكا علي بني إسرائيل عندما خالف شاول بن قيس آمر الله، فأمر الله صموئيل النبي إن يمسح له واحدا من أولاد يسى ملكا، فاختار صموئيل الابن الأكبر، الحسن الوجه، القوي الجسم، غير إن الله لم يقبله وقال لصموئيل:
" لا تنظر إلى منظره وطول قامته لأني قد رفضته، لأنه ليس كما ينظر الإنسان، لان الإنسان ينظر إلى العينين وأما الرب فانه ينظر إلى القلب" (1صم 16: 7)
فعرض يسى أولاده أمام صموئيل فاختار داود ومسحه ملكا، وقد مسحه صموئيل ملكا ولم يسلمه من الملك شئ...
وكان الله معه في كل أموره، ولطهارة قلبه ووداعته تغلب علي شاول الملك الذي حاول قتله مرارا، ومن ذلك إن شاول خرج مرة طالبا قتله فأدركه المساء ونام، فجاء داود النبي إليه وهو نائم وقطع طرف جبته سرا ليعرفه بأنه قد ظفر به وأبقاه حيا (1صم 24: 1 - 22). ثم وجده مرة أخرى نائما أيضًا فاخذ داود رمحه وكوز الماء الذي كان عند رأسه ولم يضره(1صم 26: 1 - 25) ولما حرضه إخوانه علي قتله قال “
" حاشا لي من قبل الرب إن أمد يدي إلى مسيح الرب"
ولما بشره إنسان بقتل شاول عدوه قائلا " وقفت عليه وقتلته " حزن داود ومزق ثيابه، ودعا واحدا من الغلمان وقال له " تقدم، أوقع به فضربه فمات" (2صم 1: 1 - 15).
وقد شرف الله هذا النبي عن سائر البشر إذ جمع فيه فضائل كثيرة، كفضيلة الإتضاع، فانه كان نبيا وصديقا كاملا وملكا عادلا، ومع كل ذلك كان يدعو ذاته كلبا ميتا وبرغوثا (1صم 24: 14) وغير ذلك، وقد مدحه الله بقوله:
" وجدت داود بن يسى رجلا حسب قلبي" (1صم 13: 22)،
وحرس الله أورشليم من اجله في حياته وبعد مماته وجعل ملوك الشعب من نسله، ودعا ذاته ابنه، وتنبأ بسفر المزأمير المنسوب له، وهو سفر مملوء من كل قول حسن وتعليم مفيد، وكان داود في قوته ذا باس مؤيدا من الله، وذلك انه لما كان صبيا صغيرا يرعى غنم أبيه هجم عليه تارة ذئب وتارة أسد ليفترسا الغنم، فقتل الذئب وفسخ فكي الأسد،
وحدث لما تقابل جيش شاول بجيش الفلسطينيين، وخرج جليات الجبار الذي كان طوله ستة اذرع وشبر، وهو متسلح بالحديد، وبيده رمح في سمك نول النساج، وسنان رمحه ستمائة شاقل، ومكث يجول بين عسكر الفلسطينيين، ويفتخر علي بني إسرائيل مدة أربعين يوما، ولم يجسر أحد من العساكر إن يبارزه، وكان داود قد جاء ليفتقد اخوته، فلما رآه وسمع كلامه غار غيرة إلهية وتقدم إليه وبيده مقلاعه وخمسة حجارة، فضحك منه جليات وافتري علي الله فأجابه داود قائلا:
"أنت تأتى إليَّ بسيف وبرمح و بترس، وانا أتى إليك باسم رب الجنود، اله صفوف إسرائيل الذين عيرتهم اليوم يحبسك الرب في يدي فاقتلك و اقطع رأسك"
ثم وضع داود الحجر في المقلاع وضرب به جليات، فارتز الحجر في جبهته وسقط علي وجهه إلى الأرض، فجرد سيفه وقطع به رأسه، وأزال العار عن بني إسرائيل (1صم 17)،
و هو من قال:
"فَلْنَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ، لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ وَلاَ أَسْقُطْ فِي يَدِ إِنْسَانٍ"
وكانت حياة داود سبعين سنة، منها ثلاثين قبل إن يمسح ملكا وقد كان مولده قبل ميلاد السيد المسيح بآلف ومائة وعشرين سنة،
بركه صلاته تكون معنا آمين...
و لآلهنا المجد دائما أبديا آمين...