دعوات لإلغائه أو تعديله من أجل محاكمات عادلة ونزيهة
شيوخ التيار السلفي في تونس حذروا في مؤتمر صحافي لهم مؤخرا من اعادة العمل بقانون الارهاب
شباب سلفيّ أعتقل اثر الاعتداء على السفارة الأميركية بتونس يحاكم بموجب قانون الارهاب
تونس: اعتبر حقوقيون وسياسيون استنجاد الحكومة التونسية بقانون "مكافحة الإرهاب" لمحاكمة متهمين من السلفيين والمعتدين على سفارة الولايات المتحدة بتونس العاصمة، عودة إلى القمع والاستبداد وتراجعا عن ضمان الحريات.
وحذرت منظمات حقوقية من اعتماد هذا القانون الذي كان وراء عديد المحاكمات غير العادلة في عهد الرئيس المخلوع بن علي.
وكان النظام السابق للرئيس المخلوع أقرّ القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 كانون الأول / ديسمبر 2003 والمتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال على خلفية أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2011 في الولايات المتحدة الأميركية.
وتم استخدام هذا القانون بالأساس ضد الأشخاص المنتمين إلى جماعات سلفية تكفيرية وكذلك لأغراض سياسية تهدف إلى قمع الناشطين الإسلاميين بالأساس من حركة النهضة، وخاصة منهم المتهمين بمحاولات انقلابية ضد الرئيس الأسبق والذي أطيح به في 14 كانون الثاني / يناير 2011.
وتتجه الحكومة الانتقالية في تونس نحو إدخال تحويرات وتعديلات على قانون مكافحة الإرهاب حتى يضمن محاكمات عادلة وفق المواثيق الدولية بعيدا عن المحاكمات السياسية و الفكرية.
وزير العدل يقرّ
أقرّ وزير العدل نور الدين البحيري بأن "بعض المتهمين أحيلوا فعلا على أساس هذا القانون دون أن تكون الإحالة من نفس المنطلق ودون المساس بحقوق المتهمين ودون انتزاع الاعترافات تحت التعذيب أو تلفيق التهم ضدهم، مشيرا إلى أنّ الاستنطاق تمّ في ظروف عادية وطبق أحكام مجلة الإجراءات الجزائية ووفق ما تقتضيه المواثيق الدولية من حماية للحرمة الجسدية والمعنوية، على حدّ تعبيره.
وأضاف البحيري أن الإحالة تكون خارج كل حالات الاستثناء التي نصّ عليها قانون مقاومة الإرهاب في صيغته الحالية، مؤكدا أنّ " الإحالة و التحقيق تتم في إطار الشرعية وتوفير كل شروط المحاكمة العادلة وحق الدفاع والمحامين في الحضور بعيدا عن كل الضغوط.
توفير شروط المحاكمة العادلة
أكد وزير العدل نور الدين البحيري في جلسة استماع في المجلس الوطني التأسيسي أمام النواب على أنّه يتم توفير شروط المحاكمة العادلة من خلال القوانين الإجرائية أمام باحث البداية وأمام المحاكم بقدر ما هي الحاجة كذلك إلى قوانين تضمن حماية البلاد وأمنها من الجرائم المنظمة، مشددا على أنّ بعض الأفعال التي ترتكب أحيانا لا يمكن وصفها إلا بالإرهابية.
وأوضح الوزير أنه يتحدث عن أعمال إجرامية بصرف النظر عن الذين ارتكبوها، فعملية التجريم لا تستهدف تيارا ولا فكرا ولا موقفا سياسيا من الحكومة الحالية، أو من الذين يتعاطون مع هذه الأحكام المادية التي تقع تحت طائلة القانون، وليس هناك قانون لا يجرّمها، مشيرا إلى التعامل بكل حيادية مع الالتزام بالقانون واحترام أحكامه.
قانون الإجراءات الجزائية كافٍ
ترى الناشطة الحقوقية سهام بن سدرين، الناطقة الرسمية باسم المجلس الوطني للحريات، في إفادة لـ"إيلاف" أنّ القانون الخاص بالمجلة الجزائية للعقوبات التونسية يكفي لاعتماده في معاقبة التونسيين الذين كانوا وراء جرائم القتل العمد إلى جانب الأعمال المخالفة للقوانين التونسية، ولنا من القوانين في المجلة الجزائية ما يكفي لتطبيقها في معاقبة المخالفين للقانون، مؤكدة عدم وجود ضرورة لاستخدام قانون الإرهاب الذي سنّه نظام بن علي لمحاربة خصومه السياسيين منذ عام 2003، وهو بالتالي لا يليق ولا يتماشى مع السمعة التي كسبتها تونس بعد الثورة، على حدّ تعبيرها.
وتضيف الحقوقية بن سدرين أنه سبق أن نددت بهذا القانون عند ظهوره اعتبارا إلى أنه لا يوفر الضمانات القانونية للمتهمين وهو مخالف أصلا للمعايير الدولية التي تضمن المحاكمة العادلة.
وزير حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالية سمير ديلو أكد من جانبه في ندوة تحت إشراف منظمة العفو الدولية تحت عنوان "لا أسلحة لارتكاب الفظائع"، رفضه التعامل مع مرتكبي الجرائم ذات العلاقة بالتطرف والعنف واستعمال الأسلحة بقوانين الإرهاب الاستثنائية، باعتبارها لا تضمن أمن المواطن إذ اعتمدها نظام المخلوع للحفاظ على استمرارية كيانه.
وأشار ديلو إلى أنّ :"هذا القانون جاء استجابة لضغوطات خارجية"، و أنه " لا يتماشي مع القانون التونسي سواء من ناحية الإجراءات أو من خلال ضمان حقوق الدفاع وحتى في مستوى المضمون".
تعديل قانون الإرهاب
أحدثت صلب وزارة العدل التونسية لجنة فنية استشارية، متكونة من قضاة بمركز الدراسات القانونية والقضائية لإعادة النظر في قانون الإرهاب وتعديله بعد أن كان مجالا للأحكام المطوعة لمحاكمات جائرة ضد المعادين لنظام بن علي من خلال محاكمات رأي وقمع للحريات.
وقد حددت وزارة العدل التوجهات العامة التي تعمل هذه اللجنة على اعتمادها لإدخال تعديلات على قانون الإرهاب، وهي توجهات تهدف أساسا إلى إبعاد المحاكمات السياسية التي تبنى أساسا على الإيديولوجيات والفكر.
وتعتمد اللجنة المكلفة على خيارين، أولهما "الحفاظ على تعريف عام للجريمة الإرهابية يرتكز على القصد الإرهابي وتفعيل ترسانة القوانين الوطنية ذات الصلة، حينما يقترن عمل إجرامي ما بنية القيام بعمل إرهابي".
وثانيهما "تخليص قانون الإرهاب من التعريف العام وضبط جميع الأفعال الإرهابية المنصوص عليها في الاتفاقات الدولية في نص القانون".
وبيّن وزير العدل نور الدين البحيري الرغبة في أن يتمّ تحوير هذا القانون وعرضه على المجلس التأسيسي للبتّ في القانون لأنّ :" بلادنا تعاني فعلا من ترسانة قوانين لا تنسجم مع المعايير الدولية ومع آمالنا وطموحاتنا الهادفة إلى حماية الحريات وتحقيق العدل بين الجميع".
وأكد البحيري الرغبة في مراجعة هذه القوانين من طرف السلطة الأصلية التشريعية سواء بإلغائها تماما وتعويضها بقوانين أخرى أو بتعديلها بما ينسجم مع المعايير والمواثيق الدولية".
وأشار إلى أنّ وزارته ستعرض قريبا مشروع قانون "نؤكد من خلاله الانسجام والمواءمة بين إرادتنا في مواجهة الجرائم المنظمة والتصدي بكل فعالية لكل الجرائم التي تهدد بلادنا وأمننا الداخلي والخارجي وبين احترام حقوق الإنسان ضمان المحاكمة العادلة والابتعاد عن كل صيغ المحاكمات الاستثنائية".
إلغاء قانون الإرهاب
نبّه صلاح البوعزيزي الناطق الرسمي لجبهة الإصلاح في تصريح لـ"إيلاف" إلى خطورة الحملات التي شنتها وزارة الداخلية على عدد من العناصر السلفية خلال الآونة الأخيرة، مؤكدا أنها "تنذر بعودة الممارسات القمعية القديمة وبإثارة الاندفاع المشحون لدى الشباب".
أكد البوعزيزي أنّ إعادة تفعيل قانون مكافحة الإرهاب الذي سنّه بن علي لمعاقبة خصومه تؤكد "العودة إلى اعتماد ذات المنظومة القانونية التي كان يستعملها النظام البائد ضد الدين ولتصفية خصومه السياسيين"، داعيا الحكومة إلى إلغاء هذا القانون الذي سيعمل على توريط المتهمين، والسماح لوسائل الإعلام بزيارة الموقوفين مع العمل على الإسراع برفع قانون الطوارئ".
من ناحيته شدّد الرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان مختار الطريفي في تصريح لـ"إيلاف" على رفض الرابطة لإعادة تفعيل واعتماد قانون الإرهاب مؤكدا على أنّ القوانين التونسية يمكن أن تفصل في التجاوزات والجرائم.
وقال الطريفي إن السبب في رفض قانون الإرهاب هو أنه لا يضمن محاكمات عادلة ومنصفة للمتهمين وهو يتعارض مع الحريات العامة والفردية والتي تضمن حقوق الإنسان وفق المواثيق الدولية، على حدّ قوله.
وأشار الطريفي إلى أنّ تونس ليست في حاجة إلى قانون الإرهاب لأن "الاحكام التي يتضمنها قانون الإجراءات الجزائية كافية لمحاكمة المتهمين بأي جريمة كانت".
وكان الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي وعد في لقائه بمجموعة من السلفيين بإلغاء قانون الارهاب الذي تم توظيفه من أجل تصفيات سياسية خدمة للنظام السابق.
وكان "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" دعا في بيان له نشر أخيرا حركة النهضة إلى إلغاء قانون مكافحة الإرهاب، مؤكدا أنّ " هذا القانون سيء السمعة ألهب ظهورنا جميعا بسياطه، سلفيين ونهضة وغيرهم، يجب أن يسقط وتسقط مشتقاته كما سقط الطاغية بن علي ويجب أن يتوقف العمل به فورا وعلى الغيورين الشرفاء والأحرار في تونس أن يتحركوا لإلغائه وتجريمه".
وعارضت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان تطبيق قانون مكافحة الإرهاب الصادر سنة 2003 معتبرة أن هذا القانون "يحاكم النوايا ويعتدي على حقوق الإنسان والحريات" مطالبة بإلغائه.
وتجمع أخيرا مئات من اﻟﺗﯾﺎر اﻟﺳﻠﻔﻲ ﻣن أﻧﺻﺎر ﺗﻧظﯾم اﻟﺷرﯾﻌﺔ أﻣﺎم ﻣﻘر اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻻﺑﺗداﺋﯾﺔ ﺑﺗوﻧس راﻓﻌﯾن ﺷﻌﺎرات ﺗﻧﺎدي ﺑﺈﻟﻐﺎء ﻗﺎﻧون اﻻرھﺎب، داعين إلى ﻋدم اﻟﺗﺷدد ﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ اﻟﺳﻠﻔﯾﯾن.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.