فى بداية سنة جديدة وانتظار وقائعها وحكاياتها.. يمكن استعادة وتأمل حكاية قديمة وجميلة احتفظ بها التاريخ الرياضى احترامًا لما تضمنته من معانٍ ودلالات.. وكانت يوليا ليبنيسكايا، لاعبة الانزلاق على الجليد، هى البطلة الأولى لهذه الحكاية.. فتاة روسية جميلة كانت فى الخامسة عشرة من عمرها حين شاركت فى الدورة الأوليمبية الشتوية، التى استضافتها مدينة سوشى الروسية 2014.
 
والحكاية التى أقصدها لم تكن أداء يوليا الرائع والاستثنائى، الذى استحقت بعده ميدالية الذهب.. إنما هو اختيار يوليا للموسيقى التى ستصاحبها أثناء استعراضها الأوليمبى.
 
فقد اختارت يوليا موسيقى فيلم قائمة شندلر، للموسيقار الأمريكى جون ويليامز، ولكى تتضح الصورة، لابد من التوقف أولًا أمام دورة سوشى الأوليمبية الشتوية، التى بلغت تكلفة إقامتها 51 مليار دولار، كأغلى دورة أوليمبية فى التاريخ.. وأُقيمت دورة سوشى، التى اشتهرت باسم دورة بوتين، فى أحد أكثر الأوقات جفاء وحساسية بين الرئيس الروسى والغرب بقيادة أمريكية.. ولهذا انتبه الجميع إلى اختيار يوليا الروسية لموسيقى أمريكية، فى مسابقة رسمية لدورة أوليمبية أرادتها روسيا للدعاية لنفسها، وحاربتها الولايات المتحدة الأمريكية.. وبلغ من جمال ما قدمته يوليا أن صفق الجميع سواء كانوا روسًا أو أمريكيين.. ولم يغضب بوتين من اختيار يوليا، واستقبلها، وقام بتكريمها، ووضعتها فى المقابل مجلة تايم الأمريكية على غلافها.
 
لكن لم تتحمل يوليا نفسها كل ما بدأت تعيشه بعد ذلك من شهرة وأضواء وضغوط نفسية وهى لا تزال أقرب إلى الطفولة.. ولم تستطع تكرار نجاحها مرة أخرى، وأعلنت اعتزالها وهى لا تزال فى التاسعة عشرة من عمرها.. وكأن يوليا جاءت لتلمع فى لحظة استثنائية لتعطى العالم درسًا جديدًا عما تستطيعه الرياضة ثم تختفى بعد ذلك.. أما البطل الثانى للحكاية، أو الموسيقار الأمريكى جون ويليامز.
 
فهو الرجل الذى وضع الموسيقى التصويرية لأفلام ناجحة وشهيرة، وفاز «جون» بعشرات الجوائز، منها 5 جوائز أوسكار، ورغم ذلك، حين ذهب إليه ستيفن سبيلبرج يعرض عليه وضع موسيقى فيلم «شيندلر ليست»، فوجئ بالموسيقار الكبير يقول له إنه شاهد الفيلم، ويظن أنه أهم وأجمل من أن يضع موسيقاه موسيقار مثله.. ولم يكن «جون» يبالغ أو يكذب، لكنه أحد أصحاب المواهب الحقيقية، الذين أبدًا لا يدركهم الغرور أو الغطرسة مما حققوا من نجاحات أو صفق لهم العالم.. وأظن أنها حكاية تصلح لبداية سنة جديدة.
نقلا عن المصري اليوم