سعت الدولة المصرية، متمثلة في مجلس الوزراء، في استعادة السيطرة على الأسواق، بعدما شهدت ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار السلع خلال الفترة الماضية، بسبب قلة المعروض والذي يرجع إلى قلة الإفراجات عن السلع المتواجدة في الموانئ، ما استدعى الدولة للتحرك بخطى متسارعة لضبط الأسواق مرة أخرى، وتمت الإفراجات عن أطنان السلع إضافة إلى الحملات الرقابة التي تراقب تلاعب التجار، والتشديد على المنافذ بوضع الأسعار بوضوح على السلع، وأيضا توفير السلع الأساسية في المعارض التموينية، وأيضا معارض أهلا رمضان استعدادا للشهر الكريم والتي تشهد انخفاض أسعار السلع بنسبة 30% عن السعر في السوق حسب تصريحات السفير نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء.
في التقرير التالي، نستعرض جهود الحكومة خلال شهر ديسمبر الماضي والتي ساهمت في توفير وانخفاض أسعار السلع في الأسواق.
خطة استراتيجية للتعامل مع الأزمة العالمية
في اجتماع الحكومة 14 ديسمبر الماضي، شدد الدكتور مصطفى مدبولي، على ضرورة أن يكون هناك بدائل لدى الدولة للتعامل مع طول أمد الأزمة الروسية والأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية، وأهمية التحرك في عدة محاور لزيادة الاستثمارات الأجنبية، مؤكدا أن الدولة تتحرك بخطوات ثابتة لمواجهة ارتفاع الأسعار وأصدر تكليفات واضحة للأجهزة الرقابية بشأن مهلة محددة سيعلن عنها، ويتم بعدها المرور الدوري، والتعامل على الفور مع أي منفذ بيع لا يلتزم بـ إعلان أسعار السلع، وهو ما شهده الشارع المصري خلال الأيام الماضية.
وسلط مدبولي الضوء، في الاجتماع على أهمية التحرك في الملفات الخاصة بالقطاعات الحيوية، وأهمها توفير الأعلاف المطلوبة لصناعة الدواجن، دعما للصناعة، مؤكدا على ضرورة إعداد خطة استراتيجية لتوطين صناعة الأعلاف فى مصر، سعيا لتوفير مختلف الاحتياجات محليا، من خلال التوسع فى زراعة فول الصويا، والذرة، إلى جانب إقامة المزيد من المصانع لمركزات الأعلاف.
الإفراج عن البضائع في الموانئ
كانت هذه التصريحات، جزءا من خطة الحكومة في ضبط الأسواق وتوفير السلع الاستراتيجية، خاصة قبل حلول شهر رمضان الكريم، حيث كشف رئيس الوزراء أيضا خلال زيارته لميناء الإسكندرية، السبت 31 ديمسبر الماضي، عن خطة الدولة لتوفير موارد النقد الاجنبي، لما بعد العام الماضي 30 يونيو القادم، موضحا أنه تم التشديد خلال اجتماع مجلس الوزراء الماضي، على إنه لا يوجد جهة فى الدولة تزيد أو تفرض أى رسوم إلا بالرجوع لمجلس الوزراء.
وأكد رئيس الحكومة، أن كل منفذ يبيع بضاعة لابد من إعلان الأسعار على السلع، وكلف كافة جهات الدولة للمتابعة ومراقبة تنفيذ هذا القرار، مطالبا المواطنين بالإبلاغ عن أى منفذ لا يلتزم بإعلان أسعار السلع، مشيرا إلى خطة الدولة لسداد متأخرات الموردين تباعا، حيث أن هناك حركة للافراج عن البضائع المتراكمة فى الموانئ.
بـ 6.2 مليار.. إجمالي البضائع المفرج عنها
وأوضح أن الهدف من زيارته للإسكندرية هو إحداث نقلة نوعية فى الافراج عن البضائع، حيث أن الحكومة لديها خطة كاملة لخروج كافة البضائع من الموانئ، وأسبوعيا سيتم الإعلان عن الأرقام التى ستخرج من الميناء، فيما تم خروج بضائع بقيمة مليار و250 مليون دولار منذ 24 ديسمبر وحتى أمس الجمعة الماضية.
وأعلنت الحكومة بالتعاون مع القطاع المصرفي أنها وضعت خطة للإفراج عن البضائع المتبقية خلال الفترة القصيرة المقبلة، وأن من بينها بضائع صب تقدر بنحو 3.4 مليار دولار.
وكان قد تم الإفراج بالفعل عن البضائع الموجود في الموانئ، حيث أعلنت الحكومة يوم 25 ديسمبر عن أنه تم الإفراج في الفترة، من 1 ديسمبر وحتى 23 ديسمبر عن بضائه بقيمة نحو 5 مليارات دولار وذلك من بضائع قيمتها نحو 14 مليار دولار كانت قد تراكمت بالموانئ منذ بدء أزمة تراكم البضائع.
تنفيذ قرار وضع الأسعار على السلع
وبدأت المحال والمنافذ التجارية أمس الأحد 1 يناير 2023، تنفيذ قرارات الحكومة بوضع الأسعار الاسترشادية على السلع بوضوح، وذلك لضبط الأسعار في الأسواق والسيطرة على ارتفاعاها، حيث يستهدف القرار ضبط السوق، وهو ما أكد المهندس إبراهيم العربي، رئيس اتحاد الغرف التجارية في تصريحات صحفية، مشددا على ضرورة زيادة المعروض من السلع للقضاء على التفاوت في الأسعار.
وشدد على أن الحكومة تبذل جهودا فى توفير السلع الإستراتيجية التى تستفيد منها شرائح محدودة الدخل، كما قامت بزيادة الدعم المخصص للسلع التموينية.
تخفيضات بنسبة 30% على أسعار السلع في المعارض
ومؤخرا كشف السفير نادر سعد، المتحدث باسم مجلس الوزراء، عن أن أسعار المواد الغذائية سوف تشهد انخفاضا خلال الفترة المقبلة بعد الإفراج عن سلع وبضائع بقيمة 6.2 مليار دولار والتي كانت متكدسة في الموانئ المصرية، موضحا أن السوق المحلي يشهد انفراجة كبيرة خلال منذ ديسمبر الماضي، حيث تم الإفراج عن مواد غذائية تستخدم في المصانع وهي بمثابة مدخلات إنتاج لها، ما يساهم في استعادة الاستقرار والتوازن للسوق.
وأضاف سعد، خلال تصريحات إعلامية أن الأسواق بدأت تتأثر إيجابيا بزيادة المعروض من السلع بعد الإفراجات، كما أن أزمة الدولار في طريقها للحل، حيث أن الاقتصاد المصري في وضع أفضل بكثير فيما يخص قدرة البنك المركزي والقطاع المصرفي على توفير موارد دولارية واستغلالها بكفاءة في عملية الإفراج عن السلع الموجودة بالجمارك.
وأكد أن الدولة مستمرة في تنفيذ معارض بيع السلع بأسعار مخفضة مثل المعارض التالية:
أهلا مدارس.
أهلا رمضان.
وتابع: سوف تبدأ معارض أهلا رمضان مع بداية شهر يناير الجاري وتستمر حتى شهر رمضان، وهذا يؤكد أن المخزون الاستراتيجي لدينا يسمح بهذا الأمر حيث أن أسعار السلع في معارض أهلا رمضان أقل من مثيلتها في الأسواق بنسب تصل إلى 30%".
مصر أكثر استقرارا بمخزونها الاستراتيجي
وفي هذا الصدد قال أحمد خطاب، الخبير الاقتصادي، إن وضع مصر مقارنة بروسيا وأوكرانيا والصين وأمريكا أيضا هو وضع أكثر استقراراً، حيث أن هناك مخزونا استراتيجيا من الوقود سواء غاز أو بترول، فضلاً عن وجود مخزون استراتيجي من القمح والأرز يكفي 8 شهور وهذا نموذج مثالي بالنسبة لتأمينات العالم.
وقال خطاب - خلال تصريحاته لـ"صدى البلد"، إن أزمة الدولار حالياً موجودة بسبب توفير الدولة متطلبات شهر رمضان، حيث أنه في الطبيعي يتم استهلاك 4 أضعاف الاستهلاك الأساسي في الأشهر العادية، فعلى سبيل المثال إذا كان معدل الاستهلاك ينفق عليه مليار دولار فخلال شهر رمضان يزداد إلى 4 مليارات دولار.
ولفت إلى أن ذلك يضغط على الحكومة، حيث أنها مطالبة بتوفير هذه الاحتياجات خلال هذه الفترة وإعطائها للجمعيات الاستهلاكية والمؤسسات الخيرية ليدخل المواطن قبل شهر رمضان مكتفيا، منوها أن أزمة الدولار الحالية أيضاً بسبب الإفراج الجمركي عن السلع، والذي تم إنفاق مليارات الدولارات عليه، ومن المنتظر إنفاق 9 مليارات دولار أخرى.