حمدي رزق
«لا عمر كاس الفراق المُرّ يسقينا..
ولا يعرف الحزن مطرحنا ولا يجينا..
وغير شموع الفرح.. ما تشوف ليالينا..
يا حبيبى يلّا نعيش فى عيون الليل..
ونقول للشمس تعالى بعد سنة..
مش قبل سنة..
دى ليلة حب حلوة.. بألف ليلة وليلة..
بكل العمر، هو العمر إيه غير ليلة زى الليلة».. (من كلمات مرسى جميل عزيز).
التهانى وسومًا ورسومًا وصور بابا نويل الملونة لونت الفيسبوك تهنئة بالعام الجديد، يتمنونه سعيدًا، يعوض ضائقة عام مضى، التبريكات جد تبعث على التفاؤل، تُشيع بهجة وسعادة.
اختفت تمامًا نبرة «بابا نويل حرام»، وشجرة عيد الميلاد منورة على الصفحات الفيسبوكية، المصريون قادرون على انتزاع البهجة من فم الزمان، ويحولون المحنة إلى منحة، ويثقون فى كرمه، سبحانه وتعالى.
تَعْجَب، وينال منك العجب العجاب، من أين لهؤلاء الطيبين هذه الروح الطيبة، الراضية، المتفائلة؟!، يعبرون عنها جيدًا بقهقهة فى وجه الزمن الصعب، يتفننون فى الاحتفاء برأس السنة كل حسب مقدرته، ولكنهم جميعًا يحملون أمانى عِذابًا، اللهم حقِّق للطيبين مرادهم.. قادر يا كريم.
سيل التهانى تعبير عفوى عن الحفاوة بعام قادم يحمل بشريات طيبات، دعك من جماعة «القادم أصعب»، قد يكون الغيب صعبًا، ولكن الحاضر يستاهل الحفاوة، ولو بكلمة طيبة، ترد الروح فى النفوس المتعبة، التهانى رائحتها طيبة، تعبق الأجواء كالبخور، وتشحن البطاريات، وتشحذ العزائم، وعلى قدر أهل العزم تأتى العزائم.
مهم جدًّا الحفاظ على المعنويات عالية، والهِمَم مرتفعة، وبريق الأمل يلمع فى العيون، صحيح لايزال الطريق صعبًا، ومستوجب تحصين الجموع من الإصابة باليأس، بإشاعة الأمل.. وإشاعة الأمل صنعة كما يقولون.
التهانى مضاد شعبى مُجرَّب ضد فيروس اليأس، معلوم شيوع اليأس جد خطير، والعاملون على إشاعة أجواء اليأس ينشطون عادة فى مفاصل الدورة الزمنية، والخلايا الفيروسية النائمة تستيقظ، وترويج اليأس بضاعة، والهرى بحديث العام الصعيب، وتداعياته، مقصود لإحباط الناس فى قعور البيوت المستورة. ومع ندرة التحليلات المتفائلة، تحدثنا تهانى رأس السنة عنك وعنى، توصينا بالأمل، والأمل لولاه عليّا. وعيش بالأمل، ومهما كانت الصعوبات.. «برضك أنا عندى أمل».
وأصاب الفقيه الشاعر التونسى «ابن النحوى» قولًا بليغًا: «اشْتَدِّى أزمَةُ تَنفَرِجى»، ونحن مفطورون على اجتياز الأزمات، وياما دقت على الرؤوس طبول، والثقة فى كرم الله موفورة، وهناك مَن يناجى ربه فى ظلمات الليل البهيم بدعاء الخليل، سيدنا إبراهيم، عليه السلام: «رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ» (البقرة / ١٢٦).
التهانى قطعت الطريق على «الطابور الخامس الأسود»، طابور يتخفى بين الصفوف ناشرًا عدوى اليأس والإحباط، لم يجد اليأس مطرحًا، إيمان المصريين بالأمل فطرى لطيف فيه من السعة، لا يُضيقون على أنفسهم، رغم الضيقة.
ومن الكلم الطيب، كان رسولنا الكريم، صلى الله عليه وسلم، من أكثر الأنبياء والنّاس فألًا؛ فكان يقول: «يَسِّرُوا ولا تُعَسِّرُوا، وبَشِّرُوا ولا تُنَفِّرُوا»، وكان، عليه الصلاة والسلام، يُبشر أصحابه، حتى فى أصعب الظروف والأحوال، وأصبح التفاؤل شعارهم فى كل وقت وحين، ونورهم فى وقت أشد الظلمات والأزمات.
نقلا عن المصرى اليوم