طفل لا يجيد القرأه ولا الكتابه , وأخر ضعيف دراسياً . متهمين بأزدراء الاديان !!
حاورهما: تامر إبراهيم

فى واقعه من وقائع ازدراء الاديان المتكرره التى يتهم فيها المسيحيين كثيراً فى الاونه الاخيرة وكأن هذا القانون مفصل للمسيحيين المصريين فقط , واقعه اخرى وقد تكون الاغرب فى هذا الملف الشائك .

نبيل نادى , ومينا نادى , طفلين الاول 9 سنوات وفى الصف الثالث الابتدائى , والثانى 10 سنوات ولم يكمل تعليمه, طفلين تم اتهامهم بأزدراء الدين الاسلامى وتدنيس القرأن بقرييه ماركو مركز الفشن محافظه بنى سويف.

طفلين لا يجيد احدهما القرأه او الكتابه  , والاخر بالكاد يكتب اسمه ويقرأ بعض الحروف منفرده , تم اتهامه بأزدراء الاديان وتم تحويلهم الى النيابه ووضعهم فى دور الاحداث والتحقيق معهم.

تبداً  الاحداث عندما يخرج الطفالين للعب على  " الزراعيه " كمثلهم من اطفال القريه , واذ بالارض تنشق عن ابراهيم محمد على احد اهالى القريه , الذى يمسك بالطفلين ويسحبهما الى كاهن الكنيسه اسحق كاستور متهماً اياهم بتمزيق المصحف والتبول عليه , فيضربهما الكاهن ارضاءاً له واختصاراً لكل المشاكل التى من الممكن ان تحدث ويعتذر للشاكى , الذى انصرف بدوره وترك الطفلين مع الكاهن.

يروى لنا نبيل نادى ( 9 سنوات ) تفاصيل الواقعه فيقول :  " كنا ماشيين انا ومينا وبنلعب ع الزراعيه جنب الزباله , وبعدين لقينا راجل جه خدنا من ايدينا لحد ابونا " , وأشار نبيل الى انهم لم بعرفوا لماذا يسحبهم هذا الرجل , وفصح الطفل عن الخوف الشديد من هذا الرجل ذو اللحيه الكيرة والوجه المتجهم , " ابونا ضربنا قلمين واتأسفله " , هكذا استكمل نبيل حديثه بعدما اخذهما الرجل الى كاهن القريه.

وفى الليل أتى ضابط شرطه من قسم شرطه الفشن وأخذ نبيل ومينا الى قسم الشرطه بعد تقدم المدعى ببلاغ يتهم فيه الطفلين بتمزيق المصحف والتبول عليه , ليتم حجز الطفلين لمده يومين داخل قسم شرطه الفشن ويحولوا فى اليوم الثالث الى نيابه بنى سويف . روى لنا نبيل ما حدث منذ دخولهم القسم حتى تحويلهم الى النيابه قائلا ً : " اول مادخلنا واحد مش عسكرى ولا ضابط ضربنا والعساكر منعته , وبعدين دخلنا عند الضابط وسألنا عملتوا كده ليه قولناله معملناش اى حاجه وكنا بنعيط " , وبعد استجواب الضابط للطفلين تم حجزهم لتهدئه الاوضاع فى القريه وحتى يتم عرضهم على النيابه العامه فى بنى سويف بعد رفض المدعى التنازل عن المحضر.

وفى صباح اليوم الثالث على حجزهم فى قسم شرطه الفشن , تم ترحيل الطفلين الى نيابه بنى سويف للتحقيق معهم فى الواقعه  , ويروى نبيل عن اللحظات العصيبه على طفلين فى جو من التحقيقات والاتهام وقاب قوسين او ادنى من السجن : " كان بننام على البلاط فى اوضه كده , وكان ابونا واهلنا بيعتولنا اكل كل يوم , وماحدش ضربنا هناك " .

لم يختلف كلام نبيل عن كلام مينا كثيراً , حيث اضاف مينا " انا كنت خايف وبعيط , وكنت بقولهم عاوز اروح عند ابويا " , هكذا وصف صاحب الــ 10 سنوات شعوره داخل دور رعايه الاحداث التى تم تحويلهم اليها بأمر من نيابه بنى سويف , حتى تم الافراج عنهم فى صباح اليوم الثالث من تحويلهم الى بنى سويف.
 

ومن جانبه أضاف نادى فرج والد الطفل مينا انه كان طوال النهار فى عمله كفلاح فى " الغيط " , الى ان عاد الى المنزل اخر النهار ليفاجأ بعد تناوله العشاء بمخبر يطلب حضوره هو وابنه  , ولكنه ذهب بمفرده خوفاً على طفله على حد وصفه , ثم أعاده الضابط الى منزله ليحضر الطفل الى قسم الشرطه . وعن ما حدث داخل قسم شرطه الفشن بدأ نادى كلامه قائلاً : " والله يا بيه ابنى غلبان ولا ليه فى اى حاجه ولا بيعمل اى حاجه " , هكذا اجاب والد مينا عندما سأله الضابط عن روايه تقطيع ابنه للمصحف والتبول عليه , مضيفاً ان الطفلين مينا ونبيل ظلا فى قسم الفشن يومين حتى تم تحويلهما فى اليوم الثالث الى نيابه بنى سويف والتى قامت بدورها بتحويلهم الى دور رعايه الاحداث.

وعن معامله الطفلين داخل سجنهم المؤقت اشار نادى الى عدم تعرض الطفلين الى الاذى الى فى واقع ضربهم من قبل احد الافراد فى قسم شرطه الفشن والذى منعه الضباط وافراد الامن الموجودين , وحتى داخل النيابه او دور الاحداث كان الطفلين بأمان لم تواجههم مشاكل سوى فى نومهم على البلاط دون غطاء او تأخرنا عن أحضار الاطعمه لهم , ولكن هذا الامر تعامل معه المسئولين بشكل جيد , حيث سمح لنا وكيل النيابه بأحضار غطاء لهم , واذا تأخرنا فى احضار الطعام كان بعض الافراد سواء بالفشن او بنى سويف يحضرون الاكل للاولاد حنى نأتى .

" انا كنت بتقطع من جوايا على ابنى , ده عيل برئ وغلبان , ولا حتى بيعرف يقرأ ولا يكتب " , هكذا وصف عم نادى الفلاح البسيط والد الطفل مينا شعوره اثناء حبس طلفه وولده , مضيفاً انه بعد خروج الاطفال وعودتهم الى البلد لم يحدث مشاكل بين المسلمين والمسيحيين " فكل واحد مختصر وفى حاله " , وأشار الى  حزن المسيحيين على اختفاء ابونا اسحق كاهن القريه ووجود اب غريب عن البلده يصلي بهم ايام الجمعه والاحد فقط.

من جانبه أكد نادى رزق " فلاح " واحد شهود العيان ان الاطفال لم يعودوا الى منازلهم بعد الافراج عنهم مباشره ً , ولكنهم ذهبوا الى القاهره لحين هدوء الاوضاع فى القريه , وعندما عادوا الى القريه لا نسمح لهم بالخروج بمفردهم لاماكن بعيده الا بوجود اماتهم معهم. وعن الوضع الامنى والشحن المعنوى فى القريه , اضاف انه كانت هناك خطبه فى احد الايام تحث على المشاكل والانتقام ولكن كثير من مسلمين اهل البلده انهووا الموضوع وتم احتواء الامر .

وأكد ايضاً القمص كيرلس عبد المسيح كاهن كنيسه العذراء مريم بالفشن والذى كان متابع لتلك القضيه , ان الوضع اصبح هادئ جداً ولا يوجد اى قلق على الاطفال , موجهاً الشكر للحقوقيين والمحامين الذين ساعدوا بشكل كبير فى سرعه الافراج عن الطفلين ورفع القلق عن كاهل ابائهم . 

هدأت الاوضاع فى القريه ولكنها لم تهدأ فى نفوس الطرفين , حيث طرف يشعر بالقهر وتطبيق القانون بحده عليه فقط , وشخص اخر يرى ان دينه مهان وعليه الانتقام لدينه وايمانه .

مينا , نبيل , طفلين حلم الاول ان يدخل ملاهى , وحلم الثانى ان يصبح طبيب لانه هو واصدقائه عندما يمرضوا لا يجدوا من يعالجهم. تلك البراءه المختلطه مع عدم المعرفه كانت متهمه بأزدراء الاديان , الامر الذى اغضب كثير من الحقوقيون الذين شبهوا ذلك بأنتهاك لحقوق الطفل والانسان , ويعتبره اخرون ازدراء اديان فى حد ذاته .

فصلاً جديد من مسلسل ازدراء الاديان المعروض حالياً وبقوه داخل قاعات المحاكم المصريه وداخل اروقه النيابه المصريه , ويبقي السؤال الحائر , متى يطبق القانون بحياديه دون تمييز او تصنيف ؟ , وهل عصر مرسي هو بدايه عصر استشهاد , ليس بسفك الدم ولكن رحق الدم ؟ !!