حمدى رزق
فى الجَد هزل وفى الهزل جَد، مؤذٍ بشدة الهزل فى مشروع قانون الأحوال الشخصية الجديد، المشروع يمس البنية الأساسية للمجتمع، الأسرة، اللبنة الأولى، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله.
الخفة الضاربة فى الفضاء الإلكترونى تهكما على مشروع القانون، والسخرية من مواده التى لم يتعمق فى مطالعتها كثير من المغردين، تورث المشروع رفضا مجتمعيا مصطنعا قبل أن يناقشه مجلس النواب.
مشروع القانون يواجه بحملة سخرية مرتكزة على وضعية القاضى فى عقد الزواج، وشروط الأهلية، وصندوق رعاية الأسرة، وهناك تغريدات ساخرة من شخصيات تحسبها عميقة، سقطت فى فخ «الترند» فغردت بائسة، تصطنع خفة ظل وعرفت بثقل الظل!.
دعك من هراء مساعد مأذون الغبرة إياه، نال جزاءه، بعد أن كشف غطاءه، مثل هذا القانون ليس نزهة خلوية، من أخطر مشروعات القوانين، وأهمها، وضرورته من ضروريات الأمن الاجتماعى الذى هو عماد الأمن القومى، لذا يحاط برعاية رئاسية، وشغل حكومى، وبحث قانونى، ومراجعات دينية، ورقابة مجتمعية.
هذا قانون يمثل نقلة حضارية فى مشروع الأسرة المصرية، تخلصا من ربقة قوانين ماضوية انتهت إلى معدلات غير مسبوقة فى قضايا الطلاق، وما يتفرع عنها من قضايا النفقة والحضانة، وما أدراك بمأساوية هذه القضايا فى بيوت مغلقة على ما فيها من أحزان طافحة، راجع قضايا محكمة الأسرة.. حاجة تحزن.
حتمية القانون تضعه فى صدارة الأولويات الوطنية، والحوار المجتمعى الذى أطلقه الرئيس بإعلانه عن مشروع القانون، مستوجب أن يكون على مستوى الحدث الأبرز مجتمعيا، وعليه مستوجب خضوع مشروع القانون إلى حوار جاد ومحترم على كافة المستويات، دون تزيد أو نقصان.
وابتداء تنشر مواد المشروع على العامة، حتى يتبين للشارع كنه هذا القانون، ومحتواه، والفائدة المرتجاة من وراء الشروع فى إصداره.. أولوية أولى إن شئنا الدقة فى حديث الأولويات، وتؤجر الحكومة على طرحه، ويحمد للرئيس حماسته لهذا القانون الذى ظل معلقا خشية سوء الظن المختمر فى العقول.
إجهاض مشروع القانون تحت وابل من القصف الإلكترونى قبل أن نقف على مواده، والتعاطى مع المشروع بالرفض المسبق على طريقة حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا، والتسفيه والتنكيت والتبكيت، يضيع على المجتمع فرصة سنحت لتغيير معادلات مجتمعية ماضوية، لاتزال تحكم سياقا اجتماعيا مغايرل، فرصة وسنحت لا تضيعوها.. وكم فرص كانت سانحة وضاعت هباء منثورا.
إذا كانت الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والأحوال، فما بالنا بمواد قانونية سكت فى زمن «سى السيد» ولاتزال تحكم وتتحكم وتستعبد من ولدتهم أمهاتهم أحرارا.
التولى عند مناقشة القانون، والنزوع إلى الهزل فى موضع الجد يكلفنا ما لا تحتمل من مآسٍ مجتمعية، ومراجعة ملفات الأسرة فى محاكم الأسرة، أو ما يصل منها إلى المؤسسات الدينية والاجتماعية، وإحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء تحتم قانونا رؤوفا رحيما جامعا لكل ما يخص الأسرة، ويؤسس لمجتمع جديد قائم على العدالة بين طرفى المعادلة، الزوج والزوجة، ويضمن حق الأطفال فى حياة كريمة.
نقلا عن المصرى اليوم