حمدي رزق
هل راجع الشيخ «الشعراوى»، الله يرحمه، موقفه من الزعيم الراحل «جمال عبدالناصر»؟، والشعراوى راجع كثيرا من أفكاره فى حياته، وعلى طريقته الخاصة..
لفتنى الصديق المبجل الدكتور «عصام فرج» إلى زيارة «مسكوت عنها» قام بها الشيخ الشعراوى إلى ضريح عبدالناصر، تدخُل فى باب المراجعات، وهذا مثبت وليس من قبيل التنجيم والتخمين، ولكنها حقيقة يتغافل عنها الكثيرون فى سياق رفض العرض المسرحى الذى يتناول ما تيسر من سيرة إمام الدعاة.
ابتداءً، نذكّر بما قاله الشيخ الراحل بشأن هزيمة ٦٧، وثابت بالصوت والصورة ومحفوظ على «يوتيوب» فى مقطع مصور من حوار مع الإعلامى الراحل «طارق حبيب»، ليس من قبيل التألى على الشيخ فى قبره.
قال الشيخ: «إنه عندما كان فى الجزائر وقعت نكسة ١٩٦٧، وعندما كان فى السعودية حدث نصر أكتوبر ١٩٧٣، وفى كلتا المرتين سجد لله بعد أن وصله الخبر، وإن كان لدوافع مختلفة».
نصًا: «فرحت أننا لم ننتصر ونحن فى أحضان الشيوعية، لأننا لو نُصرنا ونحن فى أحضان الشيوعية لأُصبنا بفتنة فى ديننا، فربنا نزهنا».
وأضاف الشعراوى مفسرًا دوافع السجدة الثانية، قائلا إن «انتصار أكتوبر جاء ومصر بعيدة عن الشيوعية، وإن النصر استُهل بشعار الله أكبر، كما وقع فى شهر رمضان، مما ذكّره بانتصار المسلمين يوم غزوة بدر».
هذا نص ثابت، وللأسف صار مثل «كعب أخيل العارى» يصيدون الشيخ (فى قبره) منه، ولكن من العدالة والموضوعية أن نذكر بما قاله الشيخ لاحقا فى حق ناصر، وكلاهما فى دار الحق، ونحن نحترب فى دار الباطل.
خبر الزيارة المسكوت عنها منشور نصا فى صحيفة «الأهرام» صباح ٣٠ أكتوبر ١٩٩٥، وتحت عنوان لافت «رؤيا دفعت الشيخ الشعراوى لزيارة ضريح عبدالناصر».
وفى التفاصيل: «زار فضيلة الشيخ الشعراوى عصر أمس ضريح الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بكوبرى القبة، وقرأ الفاتحة على روحه ترحمًا على ذكراه.
وكان الشيخ الشعراوى قد رأى الزعيم عبدالناصر فى منامه فجر أمس وهو يقدم إليه شيخين معممين، أحدهما يمسك بسماعة الطبيب، والآخر يمسك بمثلث وبرجل المهندس.
ويقول الشيخ الشعراوى إنه فهم من هذه الرؤيا أن عبدالناصر يقول له إنه هو الذى أدخل دراسة الطب والهندسة بجامعة الأزهر، وربما يغفر الله بهذا ما قد يؤخذ عليه، فقررت بعد (كلمة عابرة قلتها فى حق عبدالناصر من أيام) أن أزور ضريحه».
ويضيف الشيخ الشعراوى بأنه يجب على الإنسان (ألا يسىء الظن بفعل أحد وأن يترك سرائر الناس لله وحده).
وفى التفاصيل التى نشرتها «الأهرام»، كشف الشعراوى عن أنه اتصل فى الصباح بجريدة «الأهرام» يطلب من أحد مسؤوليها صحفى أو مصور يرافقانه إلى زيارة ضرورية سيقوم بها بعد دقائق.. فوجئ المحرر والمصور بأن المكان الذى سيذهبان إليه هو ضريح عبدالناصر.
خلاصته؛ بين القول (كلمة عابرة قلتها فى حق عبدالناصر)، والزيارة التى يعتذر فيها الشيخ من ناصر فى قبره (يجب على الإنسان ألا يسىء الظن بفعل أحد).. مستوجب إعادة قراءة مواقف الشيخ والوقوف على مراجعاته بنفس حماسة الوقوف على مقولاته. الشيخ ليس معصوما، ولكن يحترم، وجرح حديثه نقدا أو رفضا ليس من الكبائر التى يُستعاذ منها.. أو تواجه بقضايا ازدراء!.
نقلا عن المصري اليوم