ياسر أيوب
لم يكن منتخب كروى يشارك فى بطولة إقليمية.. إنما حكاية استثنائية فيها كل أخطاء الحياة وكرة القدم.. حكاية الذى سار فى نفس الطريق ألف مرة ولم يصل ولا يزال يختار نفس الطريق.. والذى لا يزال يرتكب نفس الأخطاء ويتوقع فى كل مرة نجاحا لا يستحقه.
فقد سافر المنتخب اليمنى من صنعاء إلى البصرة ليشارك فى كأس الخليج لكرة القدم.. لكن قبل التوقف أمام ما جرى فى البصرة.. لابد من استرجاع رحلة المنتخب اليمنى مع هذه البطولة.. فقد شارك اليمن قبل البطولة الحالية فى كأس الخليج 9 مرات.. لعب 30 مباراة فى 20 عاما ولم يفز بأى مباراة وتعادل فى 6 منها وخسر 24 مباراة.. سجل 10 أهداف وسجل الآخرون فى مرماه 74 هدفا.
وتوقع البعض وأنا منهم أن يحقق اليمن فوزه الأول فى البطولة الحالية رغم أى أخطاء لأن الدوافع هذه المرة كانت أكبر وأقوى.. بل إن لاعبى اليمن سافروا من صنعاء والمفترض أنهم يحملون داخلهم أقوى وأكبر دوافع فريق كروى ليحقق الانتصار.
سافروا وسط شعب يحتاج لأى فرحة وسط كل ما يعيشه من حزن وخوف وعذاب ودم ووجع.. وكان من المفترض أن يستغل اتحاد الكرة اليمنى هذه الدوافع ليكتب حكاية كروية جميلة مثلما سبق وكتبها كثيرون فى العالم منذ بدأ يلعب كرة القدم.. حكاية الفريق الذى لا يملك المال والإمكانات والتاريخ والتجارب لكنه فقط يملك الروح والحلم والرغبة فى الفوز رغم كل شىء.
وبدلا من ذلك قرر مسؤولو الكرة اليمنية أن يسيروا فى نفس الطريق الخاطئ.. وبدلا من الاستعانة بلاعبين يمنيين يعيشون معاناة الناس فى المدن والشوارع.. قرروا الاستعانة بلاعبين محترفين خارج اليمن.. وبدلا من اختيار مدرب يعرف أنه سيقود لاعبين مطلوب منهم إسعاد شعب بأكمله.. تم اختيار مدرب تشيكى لزوم الوجاهة الكروية حتى لا يبدو اليمن أقل من الدول التى تستعين بمدربين أجانب..
وتحملت وزارة الرياضة اليمنية راتب ميروسلاف سكوب البالغ 25 ألف دولار شهريًا فى بلدٍ لم يكن يحتاج مثل هذه الرفاهية الكروية.. وكان مشهدا يدعو للحزن أن يضطر أى لاعب يمنى يتم تغييره للوقوف على الخط ليخلع واقى الساقين ويعطيه للاعب البديل لأن ميزانية المنتخب لم تكف لشراء واقى الساقين لكل اللاعبين.. وكان ذلك كافيا للتدليل على ما يعانيه المنتخب اليمنى من نقص معظم الإمكانات واللوازم الكروية الضرورية رغم الـ 25 ألف دولار شهريا للمدرب الخواجة.
وكأن مسؤولى الكرة اليمنية كانوا من هؤلاء الذين لا يعترفون بقلة إمكاناتهم لكن إنما يعنيهم فقط التظاهر بأنهم أغنياء وأنهم مثل باقى بلدان الخليج فى الرفاهية الكروية.. وكانت النتيجة الطبيعية لكل ذلك هى أن يخسر المنتخب اليمنى مبارياته الثلاث فى البطولة أمام السعودية ثم عمان، والمباراة الأخيرة أمس الأول أمام السعودية بخمسة أهداف.. ولم يخسر المنتخب فقط إنما خسر اليمن فرحة كان يريدها ويحتاجها.
نقلا عن المصري اليوم