أشرف حلمي
مما لا شك فيه أن جلسة الصلح العرفية التى تمت أمس بعد الاعتداءات التى قام بها مسلمي قرية أشروبة التابعة لمحافظة المنيا قبل أيام على أقباط وكنيسة الرسل بالعصي والحجارة ونهب بعض المحال التجارية الخاصة بالاقباط ، والتنازل عن جميع حقوق الأقباط المادية ، العينية والمعنوية والإفراج عن المتهمين كما جرت العادة بجميع الجلسات العرفية السابقة ، والتي جاءت بعد ساعات قليلة من تأييد الحكم النهائي ببراءة المتهمين بتعرية الأم سعاد ثابت ، المعروفة إعلاميًا بسيدة الكرم ورفض النقض المقدم من جانب المحامين ، أغضب العديد من المصريين بوجة عام والمسيحيين بوجه خاص ، ضاربين أخماس فى أسداس متسائلين ما هي وأين الأدلة التى استند عليها القضاء فى إصدار حكم البراءة ؟! .
على الرغم من وجود فيديوهات لشهود عيان أثبتت واقعة التعري ، والأكثر من ذلك أعتذار فخامة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية ، والذى يعد أكبر شهادة ودليلاً دامغاً علي صحة الواقعة التي هزت ضمائر ملايين من الشعب المصرى والضمير العالمي ، وكانت فضيحة كبرى بكل المقاييس ، وتصدرت عناوينها الصحافة ونشرات الأخبار المحلية والعالمية ، عصفت بسمعة مصر بالخارج وفقدت فيها كرامتها وعزتها وأظهرت الوجه القبيح للإسلاميين والظلم والتمييز الواقع على مسيحي مصر أمام دول العالم .
بعد تفكير عميق والعودة الي الوراء لمعرفة الظروف المحيطة بقرى محافظة المنيا والمتزامنة بالحدث الجلل الإرهابي الذى قام به السلفيين فى تعرية مصر وكشف عورتها أمام دول العالم ، رأيت أن هناك أحتمال كبير جداً فى التدخل المباشر للسلفيين الذين لهم الكلمة العليا عقب سيطرتهم على معظم قرى محافظة المنيا والمؤسسات الحكومية فى محافظة المنيا والأجهزة الأمنية ، وثبت ذلك بالفعل بعد أن فرض المتشددين السلفيين شروطهم التعجيزية على الأجهزة الأمنية التى انصاعت الي مطالبهم ، مقابل الموافقة على بناء كنيسة السيدة العذراء بقرية الجلاء بمركز سمالوط عام ٢٠١٥ ، وكنيسة قرية كوم اللوفي بين عامي ٢٠١٦ و ٢٠١٧ بعد أن شهدت أعمال عنف وإعتداءات ضد الأقباط ، أي قبل وبعد واقعة تعري الأم سعاد فى غزوة الكرم ، لذا لم أستبعد أطلاقاً قيام السلفيين بالتدخل المباشر لدى الأجهزة الأمنية وفرض شروطهم فى صياغة محضر الاعتداء التى قامت به سيدة الكرم ضد المتهمين وطرمخة الأدلة بجدارة لتضليل العدالة ، لضمان الخروج الآمن للمتهمين من القضية ، كذلك قيامهم بالضغط والتهديد على شهود الإثبات الذين شهدوا لصالح سيدة الكرم ، لتغيير أقوالهم وهذا ما حدث بالفعل فى عام ٢٠١٦ ، لتظل حقوق السلفيين دائما أعلي من حقوق الأقباط وسط غياب العدالة وانعدام الضمير والإنسانية ، سواء بالجلسات العرفية أو بالقانون ، وتبقي حقوق الأم سعاد وأولادها فى رقاب الشعب المصرى بجميع مؤسساته وقياداته السياسية ، الدينية ، الأمنية والاجتماعية .
السؤال الشاغل بعد هذا السيناريو الأقرب للواقع المرير الذى تعيشه العديد من المحافظات المصرية بعد أن سيطر الفكر السلفي علي عقول المسئولين العاملين بمؤسساتها ، " هل هدد السلفيين بإشعال الأوضاع فى البلد حال تم إدانة المتهمين بتعرية مصر وسيدة الكرم وإصدار أحكام ضدهم ؟! " ، على خطى ما قامت به الدولة بإعلان فوز الإسلامي محمد مرسي على الفريق أحمد شفيق بالانتخابات الرئاسية التى أقيمت عام ٢٠١٢ ، بالرغم من فوز الفريق شفيق بشهادة العديد من السفراء العرب فى مصر وعدد من المسئولين بالسفارات الغربية بالقاهرة وقتئذ ، وذلك بسبب تهديد الجماعات الإرهابية من الأخوان المسلمين والسلفيين الموالين لهم الذين يسيطرون على الشارع المصرى بحرق البلد " .