طارق الشناوي
لا أتصور أن شيرين عندما سألت، في آخر حفل لها، جمهور دولة الكويت الشقيق عن رأيهم في حسام حبيب كانت حقا تنتظر إجابة أخرى غير هذا الفيض من الاستهجان الذي تردد بقوة في جنبات المسرح بمجرد سماع اسمه، أظنها رسالة غير مباشرة من شيرين لحسام، حتى يدرك أن حياته كلها تتحرك بإشارة منها، لا أحد يستبعد حدوث سيناريو آخر، في تلك العلاقة التي تتحرك دوما على سطح صفيح ساخن.

شيرين هي سيدة التناقضات دائما تنقلب في لحظة بزاوية 180 درجة، وأتصورها بعد واقعة ذهابها إلى مخبأ فضل شاكر في عين الحلوة بجنوب لبنان، علينا أن نتوقع منها كل شىء، وجهت رسالة إلى الجيش اللبنانى فهل هناك من طلب منها ذلك بعد التحقيق معها؟، زارت فنانا مطلوبا للعدالة بتهمة من الصعب التجاوز عنها، حمل السلاح ضد المختلف دينيا وطائفيا، الشخصيات العامة في العادة تتجنب الشبهات، ولكن شيرين يثيرها دائما احتضان الشبهات.

الجمهور يسامح في الكثير هذا حقيقى، قلت مرة إن شيرين لديها شيك على بياض من الحب، الدليل أن الإقبال الجماهيرى على حفلاتها لم يتأثر سلبا، هي من أكثر المطربين في عالمنا العربى تحقيقا للإيرادات، وفى مصر تلى عمرو دياب مباشرة، برغم كل تلك التجاوزات التي استخدمتها وهى تنعت مثلا طليقها قبل أن تعود لعصمته، الناس تسامحت معها، أو على الأقل هذا هو ما يبدو على السطح.

هل تغير الجمهور وصار يضع هامشا بين الفنان وسلوكه الشخصى، الحصن الحديدى الذي كانوا يحرصون عليه في الماضى تم تحطيمه، لم يعد الفنان يقيم داخل (فاترينا) محاطة بزجاج وممنوع اللمس أو الاقتراب، الآن صار البساط أحمدى.

الجمهور لديه معادلات أخرى في التلقى، لا يبحث سوى عن المتعة وينسى الماضى، حتى إن سعد لمجرد برغم تعدد قضايا اتهامه بأبشع جريمة في الدنيا وهى الاغتصاب، إلا أنها ولا تفرق مع جمهوره العريض، صحيح أنه من الناحية النظرية لم يتلق حكما نهائيا بالإدانة والسجن، ولكن حتى الآن لم تبرأ أيضا ساحته تماما، مثله مثل فضل شاكر وكونه تحت الإقامة الجبرية ويقيم في مخبأ بجنوب لبنان، فهذا يؤكد قطعا أنه لا يزال لا يحمل في يده صك البراءة، ما يستحق الدراسة هو التغير النوعى للجمهور، في الماضى كان المطرب يخشى حتى الزواج لكى لا يصدم مشاعر جمهوره.

عندما أجرى الصحفى الكبير مصطفى أمين عام 1946 حوارا مع أم كلثوم عند إعلان خطوبتها إلى الموسيقار محمود الشريف، وسألها هل تواصل الغناء بعد (كتب الكتاب)؟، قالت الأمر له وما يريد، كانت هذه الإجابة كفيلة بأن تفتح عليها أبواب جهنم، لمجرد أن هناك رجلا يجب أن تحصل على موافقته أولا، وعلى الفور جاء (المانشيت) في الأسبوع التالى لمصطفى أمين (جنازة حب) وانتهت القصة، الجمهور قال لا لن تتزوج أم كلثوم رجل تحصل على إذنه، أم كلثوم في ضمير جمهورها ملكية عامة. الناس لم يعد يعنيها في كثير أو قليل هذا الجانب الشخصى، يبحث عن اللحظة فقط، وهذا هو ما تعيشه الآن شيرين لن يحاسبها أحد. ولكن إلى حين، وكما أنها وضعت حسام تحت مقصلة جمهور شيرين، من الممكن أن تجد نفسها أيضا تحت مقصلة نفس الجمهور!!.
نقلا عن المصرى اليوم