( 1894- 1978 )
إعداد/ ماجد كامل '> ماجد كامل
من بين المؤرخين الكبار الذين لم يلقي الضؤ عليهم كثيرا بالرغم من أهمية أعمالهم ؛ يأتي ذكر المؤرخ الكبير محمد صبري السربوني ( 1894- 1978 ) . أما عن محمد صبري السربوني نفسه ؛ فلقد ولد في مدينة المرج بالقليوبية سنة 1894؛ وتعلم في كتاب القرية ؛ ثم أنتقل إلي القاهرة ليتلقي تعليمه الابتدائي في مدرسة النحاسين ؛ ثم التحق بعدها بمدرسة الخديوية الثانوية ؛ ولقد عشق القراءة الحرة منذ طفولته ؛ فحفظ كتب الشعر والأدب ؛ وكان يتردد علي بيت الأديب الكبير مصطفي لطفي المنفلوطي ( 1876- 1924 ) الذي وجهه إلي قراءة أعمال كبار الشعراء في عصره مثل البارودي ؛ أحمد شوقي ؛ كما تعرف أيضا علي شاعر النيل حافظ إبراهيم ؛ وبعض الشعراء العراقيين مثل صدقي الزهاوي وغيرهم الكثير . وفي تلك الفترة أصدر كتابه الأول " شعراء العصر " وكان من تقديم المنفلوطي نفسه ؛ ثم الحقه بإصدار الجزء الثاني من الكتاب سنة 1912 ؛ وتقدم بعدها لامتحان البكالوريا من منزله حيث نجح فيه ونال الشهادة عام 1913 . ثم قرر محمد صبري السفر إلي فرنسا لإستكمال دراسته علي نفقته الخاصة ؛ وألتحق بجامعة السوربون لدراسة التاريخ الحديث ؛ وفيه تتلمذ علي يد كبار أساتذة السوربون ؛ وكان زميله في الدراسة في تلك الفترة الدكتور طه حسين ؛ وبالفعل حصل محمد صبري علي ليسانس التاريخ عام 1919 . وفي عام 1923 ؛ قدم السوربوني رسالة الدكتوراة بعنوان " نشاة الروح القومية في مصر " ثم قدم رسالة تكميلية عن أحمد عرابي ؛ حتي حصل علي درجة الدكتوراة الدولة من السوربون عام 1924 ؛ وكان يعتبر أول مصري يحصل علي هذه الدرجة من هذه الجامعة ؛ ولقد حرص السوربوني في رسالته إظهار الثورة العرابية في صورتها الحقييقية ؛ وعندما عاد إلي مصر ترجم ملخص الرسالة ؛ فقررته وزارة المعارف علي المدارس في ذلك الوقت . وقد نشر في تلك الفترة الجزء الأول من كتابه " الثورة المصرية " ؛ وكتب له المقدمة أستاذه بالسوربون ؛ ثم صدر الجزء الثاني من الرسالة ؛وعند عودته الي مصر عمل مدرسا للتاريخ بمدرسة المعلمين العليا في نوفمبر 1924 ؛ ومنها انتقل للتدريس في الجامعة المصرية لدي ضمها لوزارة المعارف منذ عام 1925 ؛ ثم أنتقل للتدريس بدار العلوم بين عامي 1927 و 1928 . ولقد حصل علي وظيفة مدير البعثة التعليمية المصرية في جنيف ما بين عامي 1934 و1937 ؛ ثم عاد إلي مصر عام 1939 ليعمل مديرا لإدارة المطبوعات والنشر في أواخر عام 1939 ؛ كما عمل فترة مفتشا للتاريخ بالمدارس . وفي عام 1944 شغل منصب نائب مدير دار الكتب المصرية ؛ فمديرا لها بالنيابة منذ ديسمبر 1946 بعد بلوغ مديرها ( أحمد عاصم ) السن القانونية . وفي عام 1951 عينه الدكتور طه حسين مديرا لمعهد الوثائق والمكتبات بكلية الآداب ؛ وهو المنصب الذي رأي فيه السربوني تقديرا لعلمه وخبرته في الوثائق ودار الكتب ؛. ولكن مع قيام ثورة يوليو 52 ؛ قررت لجنة التطهير فصله من وظيفته باعتباره محسوبا علي النظام القديم . ولكن قررت حكومة الثورة رد الاعتبار له ؛ فطلبت منه وزارة الإرشاد القومي في سبتمبر 1953 أن يعد بحثا عن السودان ؛ كما طلبت منه الإذاعة المصرية في يناير 1954 أن يعد سلسلة أحاديث عن السودان ؛ وعندما أثيرت قضية التأميم عام 1956 ؛ قدم السوربوني كتابا يتناول أسرار قضية التدويل واتفاقية عام 1888 ليثبت أنها قضية استعمارية من الدرجة الأولي ؛ وقد تلقي من الرئيس الراحل خطاب شكر يشكره فيه علي هذا الكتاب وعلي كل خدماته الوطنية . ولقد أستمر في الكتابة والتأليف وإلقاء المحاضرات حتي توفي في 18يناير 1978 عن عمر يناهز 84 عاما تقريبا ( لمن يريد أن يعرف تفاصيل أكثر عن سيرته الذاتية يمكنه الرجوع الي كتاب الدكتور أحمد زكريا الشلق " نهضة الكتابة التاريخية في مصر " الصفحات من 189 – 210 ) .
ولقد ترك لنا مجموعة كبيرة من الكتب والمراجع نذكر منها في حدود ما تمكنت من التوصل إليه :-
1- الإمبراطورية المصرية في عهد محمد علي والمسألة الشرقية ( 1811- 1849 ) .
2- صفحات من تاربخ مصر من محمد علي إلي العصر الحديث .
3- الإمبراطورية المصرية في عهد إسماعيل والتدخل الانجلو / فرنسي ( 1868- 1879 ) .
4- نشأة الروح القومية المصرية 1863- 1882 .
5- الثورة المصرية من خلال وثائق حقيقية وصور التقطت أثناء الثورة .
6- المسالة المصرية من بونابرت إلي ثورة 1919 .
7- شعراء العصر ( الجزء الأول ) .
8- شعراء العصر ( الجزء الثاني ) .
9- شوقيات مجهولة جزء 1 و 2 .
10- السودان المصري 1821- 1889 .
11- أسرار قضية التدويل واتفاقية 1888 .
12- فضيحة السويس .
13- أدب وتاريخ وإجتماع .
وحول منهجه في كتابة التاريخ يذكر الدكتور أحمد زكريا الشلق أن معظم كتبه كانت باللغة الفرنسية ؛ فلقد كان يدرك أنه يخاطب العقل الأوربي بما يملكه من موضوعية في البحث العلمي ؛ ووفرة المصادر التاريخية باللغات الأجنبية ؛ ولقد أراد السوربوني تحليل هذه المصادر ودراستها دراسة نقدية ؛ ولقد آمن السوربوني أن كتابة التاريخ مهمة أبناء الوطن لأنهم أقدر علي فهمه من الأجانب ؛ ولقد درس السوربوني أسس المنهج العلمي في كتابة التاريخ في فرنسا ؛ لذا طالب المؤرخ أن يحدد هدفه من موضوع البحث ؛ ثم يجمع كل ما يتعلق بها من وثائق ؛ ثم يخضعها لدراسة نقدية تحليلة متأنية ؛ ولقد تميزت كتبه بالإيجاز والوضوح ؛ كما تميز أسلوبه بسلاسة وبساطة تعبر عن معانيها بأبسط العبارات ؛ ولقد تميز أيضا بالموضوعية في أحكامه ؛ فلم يكن يصدر حكمه بناء علي عاطفة خاصة ؛ وإنما كان يلتزم بالأمانة العلمية .ولقد أستطاع السوربوني كما يؤكد الدكتور الشلق في كتابه ؛ علي توظيف التاريخ في خدمة قضايا وطنه من جهة ؛ وتأكيد الشعور القومي من جهة أخري ؛
بعض مراجع ومصادر المقالة :-
1-أحمد زكريا الشلق :- نهضة الكتابة التاريخية في مصر ؛ دار الكتب والوثائق القومية ؛ مركز تاريخ مصر المعاصر ؛ سلسلة مصر النهضة الكتاب رقم 84 ؛ 2011 ؛ الصفحات من ( 189- 210 ) .
2-محمد حماد :- مؤرخون تنويرون : محمد صبري السربوني مؤرخ لم ينصفه التاريخ ؛ 3 أكتوبر 2019 .
3-عبد الفتاح جمال الدرعمي :- محمد السربوني : هكذا تكلم مؤرخ الثورة العرابية ؛ موقع إضاءات ؛ 18 ديسمبر 2016 .
4-محمد صابر عرب :- محمد صبر السربوني .... ظلم حيا وميتا ؛ مجلة الهلال ؛ 3 ديسمبر 2020 .