سحر الجعارة
أعرب خبراء تابعون للأمم المتحدة عن قلقهم المتزايد بشأن الارتفاع الهائل فى استخدام كلمات عنصرية على منصات التواصل الاجتماعى، وتحديداً منصة «تويتر»، حيث تنتشر عبارات الكراهية والتنمر، التى تؤثر بشكل رئيس على الأطفال والمراهقين.ودعا خبراء حقوقيون تابعون للأمم المتحدة كلاً من إيلون ماسك ومارك زوكربيرج وسوندار بيتشاى وتيم كوك والرؤساء التنفيذيين لمنصات التواصل الاجتماعى الأخرى إلى ضمان أن تتمحور الخطط النموذجية لعملهم حول حقوق الإنسان والعدالة والمساءلة والشفافية والمسئولية الاجتماعية للشركات.لقد وقعت أكبر منصات للتواصل الاجتماعى فى فخ السماح بنشر «خطاب كراهية» رغم كل الضوابط الصارمة على النشر التى تطبقها بمعايير تبدو أحياناً مزدوجة وغير عادلة، ففى الوقت الذى تسمح فيه بوجود السلفيين والتكفييرين والإخوان وبث برامج قنواتهم أيضاً قام «فيس بوك» بغلق صفحات التنويريين.. صفحة الدكتور «خالد منتصر» التى اقترب المنضمون إليها من المليون تم إغلاقها بكل تعسف.. وكذلك صفحة المفكر التنويرى كابتن طيار «حورس الشمسى».. وكأن هناك حالة تربص بتيار الاستنارة!وترى الأمم المتحدة أن خطابات الكراهية والدفاع عن الكراهية القائمة على الجنسية أو العرق أو الدين لا تنتشر على «تويتر» فحسب،
ولكن أيضاً على عمالقة التواصل الاجتماعى الآخرين مثل شركة «ميتا» التى يتبعها موقع فيس بوك، وهو ما يمثل خطراً مضاعفاً على شخصية الصغار والمراهقين.(جهاد الـ«ها ها ها»): لقد ابتكرت اللجان الإلكترونية السلفية ما يسمى اصطلاحاً بين مجتمع الفيسبوكيين بجهاد الإيموجى، إذ جرت العادة بأن هناك فئة من رواد السوشيال ميديا تنظم نفسها وتطلق ملايين من الإيموجى «الصور التعبيرية» المتفق عليها وفقاً لخريطتها الأخلاقية، وهو أمر يبدو واضحاً للغاية فى أخبار الوفيات، إذ حظيت مثلاً منشورات وفاة الكاتبة المصرية نوال السعداوى عبر «فيس بوك» بآلاف التعبيرات المضحكة والمتمثلة فى الصورة التعبيرية المسماة بين المستخدمين «ها ها ها» من بعض التيارات التى كانت ترفض أفكارها، إذ يعتبرون أن هذا الإيموجى الساخر وسيلتهم للتعبير عن آرائهم فى إنتاج الراحلة الفكرى.. هذا بخلاف استحداث أساليب فى الكتابة يستعصى على خوارزميات تويتر وفيس بوك فهمها وبالتالى يأتى السب والقذف فى أبشع صورة!لقد انتشرت كل أشكال التنمر والتحرش اللفظى بالمسيحيين والنساء والأطفال والاتجاهات الفكرية التى تنشر الإصلاح والاستنارة: «التنمر فى بلادى جريمة مراوغة يستحيل إثباتها فى حالة تلبس.. والمسافة بين براءة المتهم أو إدانته ملف من ورق يملكه المتهم: (من التأليف إلى الممثلين إلى الإخراج)!لدينا بنات انتحرن خوفاً من عار وفضائح التنمر الإلكترونى، فمقاييس الحشمة مثل «امرأة لعوب» تحددها ثقافتك ومرجعيتك الأخلاقية: إن شئت أن تكون ملك يمينك سوف تأتيك ليلاً بالنقاب وتبيت فى فراشك الدنس ثم تتوضأ وتنصرف!.. وإن شئت أن تتحرش بها لتُرضى فحولتك المزعومة لأنها «سافرة» سوف يقف الذكور فى موقف المتفرج المدافع عن سُعاره الجنسى!وفى القلب من فوضى مواقع التواصل الاجتماعى (التى لا تخضع للقانون المصرى)، يروج «خطاب الكراهية» للأفكار الرجعية والتكفيرية والسلفية، ولهذه تستخدم اللجان الإكترونية «رموزاً» تتولى هدم صفحات التنويريين ومطاردة الكاتبات «خصوصاً الفيمينست».. ومن هذه الرموز استخدام أسماء دينية مسيحية وإسلامية، وتخفِّى السلفيين تحت صور مسيحية، وتبدو الصور ملتزمة بإطلاق اللحى أو الحجاب (حتى لو كانت الصور مزيفة).. وعادة تضع أدعية ومأثورات دينية وهى تستخدم أبشع ألفاظ السب!!
وأزعم أن تنظيم «الإخوان» الإرهابى خلف هذه اللجان التى أصابنى منها الأذى حين تحركت بتغريدة من «عبدالله الشريف»!نحن نحتاج إلى «وعى مجتمعى» يحطم أصنام تأليه الذكور وتحقير النساء ويقضى على ترسانة الأعراف والعادات والتقاليد التى جعلت المرأة مجرد «دمية» للترفيه عن الرجال.. ويلغى من قاموسنا التعبير المغلف بالدين «وعاء للإنجاب».هذا الوطن سوف يتغير حين يحترم غير المحجبة ولا يستهدف مَن ترتدى صليباً.. حين تختفى وقائع التنمر والكراهية والابتزاز الإلكترونى من قاموس حياتنا، وتكف أبواق التحرش الدينى عن أعراضنا.. فساعتها فقط سوف نتمكن من تطبيق «القانون العادل».
نقلا عن الوطن