جمال رشدي يكتب
كتبت الكثير من المقالات عن ايباراشية سمالوط التي اتشرف بأن اكون احد أبنائها وعن قائدها الروحي الحبر الجليل حضرة صاحب النيافة المطران الدكتور الانبا بفنوتيوس، وفي كل مرة اكتب عن ذلك أجد شوق جارف للكلمة بداخلي تريد أن تتسطر بحبر القلم على أوتار عظمة الواقع الذي صار من العدم في ذلك المكان وعلى يد هذا الرجل.
الانبا بفنوتيوس هو قائد روحي استثنائي ومتفرد في تاريخ الكنيسة المصرية، وعندما اكتب ذلك ليس لأنني ابن هذا الرجل العظيم، بل لانه واقع معاش عشت بداخله وتلامست معه بقوة وعن قرب.
سأتجول بكم أيها القراء الاعزاء داخل ايباراشية سمالوط وستنساب حروف الكلمات على لوحة عظمة الإبداع الذي رأيتها سابقا وحاليا وسأراه مستقبلا ولكن في كل مرة كأنني أراه لأول مرة،
هنا رحلتي الأولى التي قمت بها فور عودتي من خارج مصر في اجازتي السنوية المعتادة، كنيسة الشهيد ابسخيرون القليني في قرية البيهو التي افتخر بأنني احد أبنائها الذين يقطنون بداخلها، يد التعمير والبناء ما زالت تشيد وتعمر في كل بقعة ومكان داخل الايباراشية في ملحمة عظيمة، هنا في كنيستي بقرية البيهو المبنى العظيم الذي انتظرناه منذ عشرات السنوات وتصميمه البديع الذي يحوي ويحتوي على كل معطيات فن العمل الهندسي، وفرحة اولاد كنيستي واحتضانهم بكلمات الشكر والعرفان لابيهم الراعي المحبوب الانبا بفنوتيوس، وداخل عظمة المبنى صوت التهاليل والتسابيح والفرح والصلاة من أجل الوطن والكنيسة المصرية
وفي زيارتي الثانية كانت اهم نقطة ارتكاز مقدسة داخل مصر، حيث باركتها العائلة المقدسة بالمكوث فيها بعض الوقت بقيادة الطفل يسوع وأمه العذراء، هنا عبق رائحة القداسة والاصالة التي يستنشقها كل من يزور هذا المكان المقدس، وهنا أيضا الإعجاز العملي الذي فاق تقييمات ونظريات علوم الإدارة في كل مراحله التاريخية، فندق العائلة المقدسة الذي تحتضنه الطبيعة الخلابة، فيكتسي بمشهد من أعظم مشاهد الطبيعة حيث النيل والزرع على أعلى سفح قمة الجبل، والذي سيكون الحضن الدافئ ورأس عربة القطار الأهم في ما يمكن التخطيط له في جميع تشكيلات وافرع السياحة وليست الدينية فقط،. وبجانبه الكنيسة الأثرية التي انشائتها الملكة هيلانه والدة الملك قسطنطبن الكبير عام ٣٢٨م الموافق عام ٤٤ شمسية، تلك الكنيسة قام حضرة صاحب النيافة المطران الدكتور الانبا بفنوتيوس باستكمال ترميم وتدشين لها في الأول من يناير ١٧٣٩ م، لتتحول الي متحف من كنوز الروح والمعرفة تجسد أصالة تاريخ الماضي وعظمة إعجاز الحاضر، وفيما بين الفندق والكنيسة تقابلت مع احد روائع ايباراشية سمالوط السيدة الفاضلة والامينة والمتواضعة الأستاذة نيفين والتي كان وما زال لها دور كبير في إدارة وتنفيذ بعض الأعمال طبقا لتوجيهات صاحب النيافة المطران الانبا بفنوتيوس، وعلى رأسها مدارس العهد الجديد في مدينة سمالوط والحائرة دوما تلي المركز الأول من حيث الجودة على مستوى الجمهورية واستكملت زياراتي لبعض الأماكن الأخرى التاريخية منها الماجور الذي تقدس بيد السيدة العذراء وصنع خبز للحياة الأرضية كما صنع التجسد في بطنها خبز للحياة الأبدية، وهنا أيضا الشق الشهير في عمق الجبل الذي اختبأت فيه العذراء وطفلها وكيف تحول إلى لوحه فنية تتكلم وتجسد عن عظمة وابداع الرؤية لرجل الله ورجل الطب والإدارة والتخطيط المطران الاشهر في تاريخ الكنيسة المصرية، وفي طريقي كان يلزم ان أزور بعض الأقارب والاصدقاء الذين يزينون دير العذراء بكرمهم ومحبتهم فكان اللقاء في منزل الصديق والأخ مختار يونان الشهير بعمدة الدير كما يطلق عليه معظم سكان القرى المجاورة. ومعه العشرات من اهل الدير.
وفي ثالث زيارة لي كانت الي قرية شهداء الوطن والكنيسة الشهيرة ( العور) وعند دخول الباب كان هناك صوت ملائكي يخترق سطور أشعة صباح النهار الباكر الأخ والصديق الحبيب قدس ابونا ابيفانيوس، وعندها حدث سكون بداخلي ليتجلي هذا الصوت الملائكي ويقتحم كواليس آهات الروح لتهلل وتسبح بمجد الله الذي تمجد في أولاده قديسين قرية العور ليصبحوا منارة ايمان تجذب القاصي والداني الي حضن رائحة المسيح الذكية في سيرتهم العطرة، وبعد انتهاء القداس، اصطحبني صاحب هذا الصوت السماوي الي داخل كرم محبته، وبعد الاستمتاع برؤية عظمة ملحمة روحية وعملية قام بها المطران المتفرد والاستثنائي تلك العظمة تحتضن أو تحتضنها رفات اولاد العور شهداء الوطن والكنيسة، وعند خروجي من بوابة الكاتدرائية، كان رجال الأمن بقيادة صديقي العزيز والرجل الوطني مأمور قسم شرطة سمالوط غرب العميد محمود الحلوانى صاحب الشعبية الجارفة والحب الكبير من الجميع يزينون المدخل بمظهر وطني مشرف بحسن الاستقبال والتنظيم والترتيب الجميل وكأن الوطن مصر ينطق بعظمته في ذلك المشهد البديع كما ينطق في كل موقع وحدث.
وبجانب ذلك علمت ان هناك صرح طبي عظيم تم انشائه امتداد في النوع والكيف للصرح القائم حاليا مستشفى الراعي الصالح والذي كان أول باكورة طبية في صعيد مصر ومنه كانت البداية لقيام الكثير من المشاريع الطبية في كل الصعيد، ولا ننسى السيدة الفاضلة مدير إداري هذا الصرح الصديقة الدكتورة مريم صلاح، والتي قدمت الكثير من الجهد والاجتهاد لخدمة هذا المكان طبقا لتوجيهات صاحب النيافة الانبا بفنوتيوس.
وفي آخر أمتار اجازتي التي امتدت حوالي شهر داخل مصر، كان يلزم ختامها مع الرمز والقيمة الوطنية والكنسية الانبا بفنوتيوس، عند الدخول اليه وجد النور الروحاني يكتسي المكان، واحتضني بكلمات محبته وعندها كان صوته الهادئ المهيب بالروح يرحب باستقبالي وها انا أمام الرجل الذي صنع المجد واقام من العدم الوجود الذي أصبح واقع سيسطره التاريخ لتكون تلك السطور طريق لما يريد أن يتعلم كيف يصنع تنمية مستدامه في البشر قبل الحجر، فهذا هو ابي الذي اعتز وافتخر به يجلس بمهابته ووقاره في شيخوخه وحكمة الآباء وفي علم وفكر المفكرين والباحثين والخبراء، ها هو وجهة يشع نورا ليهزم تجاعيد الشيخوخه وكلماته تنساب بالحكمة لتكون مجري مياة عذبة تروى
كل من يسمعها أو يتعامل معها، هنا الحكمة لكل من يريد أن يقتنيها وهنا الخدمة لكل من يريد أن يسلك فيها وهنا الإنسانية بكل معانيها، هنا المطران الدكتور الانبا بفنوتيوس الرجل الذي حطم الواقع المظلم ليصنع مجد نور وطريق واسع لكل من يريد أن يتعلم. سلاما لك يا سيدي وقدوتي وسلاما لكل الذين خدموا أو عملوا معك، وعندها لا أنسى اختي وصديقتي العزيزة والخادمة الأمينة الأستاذة كريستين صبحي التي وما زالت تؤدي دور كبير طبقا لتوجيهات صاحب النيافة
وفي الاخير لا أنسى صديقي وأخي الرائع المهندس فرحان شاروبيم الجندي المجهول ودوره الرائع في دائرة خدمة العلاقات العامة داخل الايباراشبة عبر سنوات طويله من حياته، وسلام وتحية لكل الآباء الأحبار خدام مذبح المسيح في الايباراشية وعلى رأسهم ابي وصد يقي قدس ابونا داوود ناشد الرجل الذي يبذل ويعطي كل ما يملك من وقت ومجهود من أجل الخدمة، واخر كلماتي ستكون الي رفيق الدرب والخدمة لصاحب النيافة الانبا بفنوتيوس، قدس ابونا مرقس اميل شيخ كهنة الايباراشية والخادم الأمين لكل خطوات البناء والتعمير داخل ايباراشية سمالوط.