ياسر أيوب
فى أكتوبر الماضى.. أشاد صحفيون إيطاليون كثيرون باختيار أندريا أبودى وزيرًا للرياضة والشباب فى بلادهم.. واعتبروا اختيار هذا الرجل لهذه الوزارة إحدى إيجابيات حكومة إيطالية جديدة برئاسة جورجيا ميلونى.. ولم أهتم وقتها بمعرفة سر وسبب هذه الإشادة.. فقد سرقت جورجيا ميلونى وقتها الاهتمام وكل الأضواء كأول امرأة فى تاريخ إيطاليا تتولى رئاسة حكومتها.. امرأة بعد ولادتها فى روما عاشت سنينها الأولى مع والدتها فى جزيرة صقلية وعملت كبائعة خضروات ومربية أطفال وجرسونة فى أحد البارات.. واكتسبت من كل ذلك القوة والجرأة والصلابة والشجاعة.. ولم تنس جورجيا ما تعلمته وعاشته وسط عموم الإيطاليين بعيدًا عن دهاليز السياسة وصالوناتها حين أصبحت أصغر نائبة لرئيس البرلمان ووزيرة للشباب وهى فى الحادية والثلاثين من عمرها.. وحين أصبحت فى أكتوبر الماضى رئيسة للحكومة.. ظلت جورجى كما هى بنفس صراحتها وجرأتها، فقالت بصوت عال وصادم إنها ترفض تماما المثلية وزواج الجنس الواحد وتغييب الدين، واتهمت أوروبا بأن مطامعها القديمة فى إفريقيا هى سبب أزمات تلك القارة والهجرات المتتالية لأهلها إلى أوروبا.. وأعلنت رئيسة الحكومة الجديدة وقتها أيضا رفضها أن تصبح الرياضة الإيطالية ورقة ضغط أو مناورة سياسية.. وأن إتاحة الرياضة لكل الإيطاليين هى إحدى أولويات حكومتها إلى جانب قضايا الاقتصاد والسياسة والمجتمع.. وأن الرياضة وسيلة حقيقية لمقاومة المخدرات ومساعدة أجيال إيطالية جديدة للتعليم والالتزام بشرط أن يصبح اللعب حقًا ومتاحًا للجميع، سواء أغنياء أو فقراء، وفى روما أو أصغر قرية إيطالية.. وبعد أربعة أشهر فقط..
عاد كثيرون، سواء داخل أو خارج إيطاليا، يلتفتون لأندريا أبودى، وزير الرياضة، حين انفجرت من جديد أزمة نادى يوفنتوس.. فقد أدان القضاء إدارة النادى الكبير والشهير بتهمة الغش والتلاعب المالى والتزم اتحاد الكرة الإيطالى بحكم القضاء، وتم خصم 15 نقطة من رصيد يوفنتوس فى الدورى الإيطالى.. وحين سئل الوزير عن ذلك قال بوضوح إنه لا يمكنه التدخل أو تجاهل أحكام القضاء، وأعلن أن الشعبية أو الشهرة ليست ضمانًا للإعفاء من المساءلة والمحاسبة.. ولم يكن ذلك هو ما أثار اهتمام الجميع وجعلهم ـ وأنا منهم ـ يدركون سر حفاوة الصحفيين الإيطاليين وفرحتهم باختيار أندريا وزيرًا جديدًا للرياضة.. إنما كان رفض الوزير القاطع لطلب الأندية استمرار فترة الإعفاء الضريبى التى كانت قد أعلنتها الحكومة وأقرها البرلمان بعد توقف النشاط الكروى أثناء أزمة كورونا.. وقال أندريا إن الأندية فى زماننا الحالى.. وبالتحديد أندية الدورى الممتاز.. أصبحت مؤسسات اقتصادية والحكومة ليست ملزمة بدعمها ماليا والرأى العام لن يسمح بذلك.. وما تحققه هذه الأندية رياضيًا ليس مبررًا لمنحها أى استثناءات قانونية أو مالية.. والرياضة الإيطالية لن تتأثر إذا انهار أحد أنديتها ويمكن لهذا النادى أن يعود من جديد دون أن تضطر الحكومة لمد يدها لإنقاذه.. واحترم الجميع ذلك من وزير دارس للإدارة الرياضية وعمل بالتسويق والسياحة ونجح فى إدارة مشروعات رياضية كبرى.
نقلا عن المصرى اليوم