حمدي رزق
زيادة سعر توريد إردب القمح من الفلاحين من ألف إلى ١٢٥٠ جنيهًا، خبر جد سعيد، لفتة حكومية على وقتها، بشرة خير، والخير على قدوم الواردين، على قدوم الفلاحين، معقود في نواصيهم الخير.
مجلس الوزراء يُنفذ توجيهات الرئيس بعد لقاء الفلاحين في «شربين»، دعمًا لمزارعى القمح، وتشجيعًا لهم على زراعة القمح وتوريده.
حسنًا قررت الحكومة، الفلاح يستحق، والفلاح أولى من الاستيراد، والقمح المحلى لا يُعلى عليه، مواصفة جيدة، والأمل معقود على نفرة الفلاحين إلى زراعة القمح بكثافة هذا العام.
سعر التوريد عادل بل ومحفز، والحاجة مُلحة لكل إردب زيادة، ونحلم برغيف من قمح بلادنا.. وهل من مزيد؟
حسنًا تلبية طلبات الفلاح، هذا وقت رعاية مزارعى القمح، زمان غنى «عبدالوهاب» من كلمات «حسين السيد» للقمح «القمح الليلة.. يا رب تبارك.. تبارك وتزيده».
في القاموس الفلاحى الشفاهى، «الفِلاحة مناحة»، أي تعب وشقاء، ورغم المعاناة وقسوة الظروف، وبالسوابق.. الرهان على الفلاح المصرى الطيب، ابن الأرض الطيبة، لا يخيب أبدًا.
الفلاح المصرى مفطور على العطاء، وكريم معطاء، وأجود من الريح المرسلة، ووقت الشدة شديد، وعبر عنه الفلاح العتيد «محمد أبوسويلم»، قام بدوره طيب الذكر العظيم «محمود المليجى» في ملحمة «الأرض لو عطشانة»، بمأثورته الخالدة «كنا رجالة ووقفنا وقفة رجالة».
الوقفة المطلوبة وقفة رجالة في ضهر الدولة المصرية في ظل أزمة القمح العالمية، قربى لشعب الطيبين، محبة في أغلى اسم في الوجود، من أجل رغيف عيش من قمح الأرض الطيبة في فم طفل من ولاد البلد الطيبة، قال سبحانه وتعالى: «الَّذِى أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ». (قريش/ ٤).
فرض عين على كل فلاح أصيل، وليس فرض كفاية زراعة القمح هذا العام، وتوريد كامل قمحه إلى الحكومة لنكفيها بعض مؤنة الاستيراد بالدولار في ظل أزمة الأقماح العالمية، وليس هذا وقت معاندة، أو متاجرة أو مزايدة، سعر التوريد المعلن عنه مُبشر، والحاجة ماسة للتوريد الاختيارى دون اللجوء للتوريد الإجبارى.
البلد في شدة، ولا نملك رفاهية عدم زراعة القمح، ما يضطر الحكومة لاستيراد أضعاف الإنتاج بكلفة ضخمة من لحم الحى، وبالدولار واليورو والروبل الروسى والهريفنا الأوكرانية، وأخيرًا بالروبية (العملة الهندية).
الحكومة تترجى الله في طن قمح زيادة، بعد شُح القمح الأوكرانى والقمح الروسى من جراء الحرب، والقمح المحلى ما شاء الله عليه، بركة رب السموات، «فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ». (البقرة/ ٢٦١).
هذا ليس وقت اختيار، لا نملك رفاهية الأيام الخوالى، وأعلم علم اليقين أن الفلاح المصرى صاحب مروءة، وشهامة، وبذل، ونخوة، ولم يتأخر يومًا عن العطاء وبلا حدود، وعرقه مغرق الغيطان، وقدماه مغروزتان في الطين، وشايل الطين، وطين الترع على كعابه، ولا عمره اشتكى ولا قال آه.
ويأكلها بدقة، وحامد ربه وشاكر فضله وكرمه، ومنيته في الدنيا سترة البنات، ولقمة هنية، وصلاة الفجر حاضر، وحاضر في غيطه، ودوامه من الشروق للغروب، ثقة في فالق الحب والنوى، أن يكرمنا بحصاد يكفينا مؤنة الاستيراد، ونأكلها بدقة ولا سؤال اللئيم.
نقلا عن المصرى اليوم