حمدي رزق
طالب الأزهر الشريف، الشعوب العربية والإسلامية، بمقاطعة جميع المنتجات الهولندية والسويدية، ردًّا مناسبًا على حكومتى هاتين الدَّولتين فى إساءتهما إلى مليار ونصف مليار مسلم، والتمادى فى حماية الجرائم الدنيئة والبربرية تحت لافتة لا إنسانية ولا أخلاقية يسمونها «حرية التعبير»!.
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» (الحجر / ٩)، كفانا بيان الأزهر الشريف مؤنة الرد على تطاول شذاذ الآفاق، أساءوا الأدب، وتجاوزوا فى حق الكتاب الكريم.. المقاطعة رد سلمى على من يبتدروننا العداء.
بيان معتبر بقامة الأزهر الشريف وشيخه الجليل يعبر عن غضبة جموع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها.. إلا القرآن الكريم.. ونحن أمة تحترم الشرائع والعقائد، ولا تعادى معتقدًا كان، وتؤمن بحرية العبادة. قال الله تعالى «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، (الكافرون / ٦).
القرآن الكريم خط أحمر، كتابنا أغلى علينا من أنفسنا، والإساءةُ إلى مقدساتنا هكذا علانية فى تحدٍّ سافر وسافل دعوةٌ صريحةٌ للكراهية والعنف وانفلاتٌ من كل القيم الإنسانية والحضارية.
وشدد البيان الأزهرى المعتبر: «هؤلاء المنحرفون لن يدركوا قيمة هذا الدين - الذى لا يعرفون عنه شيئًا، ويستفزون المسلمين بالتطاول عليه- إلا حين يكونون وجهًا لوجهٍ أمام ضرورات المادَّة والمال والاقتصاد التى لا يفهمون لغةً غير لغتها، ولا يقدسون أمرًا غير قوانين الوفرة والإنتاج والاستهلاك».
يحدثوننا عن الإرهاب، مثل هذه التصرفات الرعناء هى الإرهاب الحقيقى بعينه، الذى يمكن أن يُدخِل العالم بأسره فى أزمات قاتلة وحروب دينية طاحنة، ومن هنا فإن على المجتمع الدولى أن يتصدَّى بكل حزمٍ وبأس وقوة لوقف مخاطر هؤلاء العابثين.
بوركت يا مولانا الطيب، الأزهر فى بيانه، وقبله بيان الخارجية المصرية المعتبر، يلجمان فتنة وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ، حسنًا نفرت الدولة المصرية بخارجيتها وأزهرها لكبح موجة الكراهية المتوقعة بهذه البيانات القوية.
خطيئة هؤلاء المتطرفين لا تغتفر بعمدية سافرة من متبضعى الأزمات الدولية، وتحمل تطاولًا، وتكشف عن جهل فاضح بكتاب يحمل القمم العليا للآداب والفضائل والأخلاق.
الإساءة للقرآن جريمة نكراء، لا تسوغها حرية تعبير، والكتاب الكريم أعز وأكرم من أن يهان، ولن نمالئ فى سياق حرية التعبير على حساب كتابنا وديننا، ولن ننافق لنحسب لديهم متحضرين، التحضر يعنى احترام عقائد الآخرين ومقدساتهم.
الجهل الذى يَعمه فيه أمثال هؤلاء لا يبرر إهانة المسلمين، ولمن يستنكفون البيان الأزهرى بالمقاطعة، إذا كان شرط الليبرالية أن نصمت على حرق المصحف جانبهم الصواب، إذا كان شرط التنويرية أن نصمت على حرق الآيات التى تلهج بها قلوبنا دون أى تَحرّك يُحرّك الحكومات الغربية للجم متطرفيها.
هذا ليس مكتوبًا علينا ولا مقرر يلزمنا، وسنرفع الصوت عاليًا فى أجواز الفضاء، إلا كتاب الله، فليسمعوا غضبتنا حتى يلزموا الحدود، ويكفّوا عن الاستفزاز الذى يولِّد الإرهاب.
الصمت على الإساءة لضرورات طال، وحتى لا يهتبلنا المتطرفون تباعًا، لسنا مثلهم متطرفين، ولن نكون، التطرف (هناك) فى الجانب الآخر، والصمت (هنا) يحمل شروط إذعان مجحفة لا نرتضيها على ديننا الحنيف.
الاعتذار من الحكومات الغربية مستوجب للترضية الواجبة فى هذا الظرف العالمى العصيب، المشرحة العالمية مش ناقصة إرهاب.. وكما نحترم ما يعبدون ويقدسون، واجب عليهم الاحترام الكامل لكتابنا ورسولنا ومقدساتنا وما نعبد.
نقلا عن المصرى اليوم