ياسر أيوب
أثناء الحرب العالمية الأولى.. جاء ضابط إنجليزى شاب فى فبراير 1916 مع فرقة لسلاح المدفعية.. وقال فى مذكراته فيما بعد إنه رغم الطعام المصرى الشهى وحفلات الكورسال.
إلا أنه لم يجد إلا كرة القدم عزاء له عن فراق خطيبته أدريان.. وبدأ الضابط يستمتع باللعب كحارس مرمى حتى أصيب ولم يعد قادرا على اللعب لكنه لم يبتعد عن كرة القدم فأصبح حكما لمباريات القوات الإنجليزية، ثم أصبح أحد أشهر الحكام الإنجليز وقتها فى مصر.
وبدأت الأندية المصرية فى 1917 تطلب من هذا الضابط الإنجليزى تحكيم مبارياتها، وواصل الضابط نجاحاته أيضا فى تحكيم المباريات المصرية وبدأ معها يكتسب المزيد من الخبرة والثقة.
وكان نجاحا دفع بالصحفى الكبير إبراهيم علام للبحث عنه ومقابلته فى جروبى ليطلب منه المشاركة فى مسابقة رسمية كروية جديدة اسمها الكأس السلطانية سيديرها إبراهيم علام.. البطولة التى أضافت للكرة المصرية وظيفة الحكم.
فقبل هذه البطولة كان معظم من يقومون بتحكيم مباريات الكرة مدرسين إنجليز أو لاعبين مصريين قدامى.. فلم يكن تحكيم كرة القدم فى مصر حتى 1917 وظيفة يعترف بها الجميع ويحتاجون إليها أيضا.. وكانت مباريات الكأس السلطانية فى مصر هى أولى التجارب الرسمية لهذا الضابط كحكم كرة قدم.. ولم يذكر هذا الضابط فى مذكراته كل المباريات التى أدارها كحكم رسمى فى مصر.
لكنه ذكر أكثر من مرة نادى القاهرة ونادى القلعة وملعبى العباسية وبولاق.. وحكى كيف كانت كل الفرق تلعب مباريات الكأس السلطانية بحماسة وروح عالية وفرق أخرى لا تلعب بنزاهة.. وأنه كان يتصدى بحسم لأى محاولات للتلاعب أو الاعتراض على قراراته.
وقمة نجاح الضابط كحكم كرة كانت حين أدار المباراة النهائية للكأس السلطانية فى مارس 1918 بين فريق المدفعية وفريق القلعة أمام جمهور ضخم على حد تعبير راوس.. وفاز المدفعية بهدف نظيف ليصبح ثانى فريق إنجليزى يفوز بالكأس بعد فريق الإشارة الفائز منذ عام بأول كأس.
وحكى الضابط فى مذكراته أيضا أنه فى 25 أغسطس 1918 أدار مباراة فى القاهرة بين فريقين إنجليزيين وحضر المباراة جمهور كبير وحضرها أيضا الكولونيل توماس إدوارد لورانس الذى قاد الثورة العربية ضد الدولة العثمانية من 1916 إلى 1918 واشتهر باسم لورانس العرب، وعنه كان أول فيلم عالمى لعمر الشريف 1962.
ووصف الضابط استقبال وحفاوة الجمهور بلورانس الذى حرص على توجيه التحية لهذا الحكم الإنجليزى الشاب، حيث كان لورانس من عشاق كرة القدم ويستمتع بالفرجة عليها رغم كل شواغله العسكرية والسياسية.. ورغم تلقيه عرضا مغريا للبقاء فى القاهرة والعمل فى إحدى المدارس المصرية والبقاء كحكم كرة ناجح وشهير إلا أنه أصر على العودة إلى بلاده.
وهناك واصل التحكيم ثم أصبح سكرتيرا للاتحاد الإنجليزى واستمرت نجاحاته حتى أصبح هذا الضابط- أو السير ستانلى راوس- أول حكم كره يرأس الفيفا فى 1962، دون أن ينسى أنه تعلم التحكيم فى مصر.
نقلا عن المصرى اليوم