القمص يوحنا نصيف
جاءني بعض التساؤلات عن الأحداث الخاصّة بسفر يونان، يسعدني مناقشتها باختصار في هذا المقال:
1- هل أرجَعَ الحوت يونان لشاطئ البحر مرّة أخرى، ثم أمر الربّ يونان ليذهب لنينوى فسافر إلى هناك؟ أم أنّ الحوت أوصله بطريقة ما لنينوى، مع الوضع في الاعتبار أنّها بعيدة تمامًا عن شاطئ البحر؟!
+ الحوت ألقى يونان على شاطئ البحر المتوسط وبعدها سافر يونان إلى نينوى.. وهذا واضح في السِّفر، أنّ الحوت بعدما قذف بيونان إلى البرّ، صار له قول الربّ ثانيةً: قم اذهب إلى نينوى المدينة العظيمة، ونادِ لها المناداة التي أنا مكلّمك بها.
2- كيف عرف يونان أنّه بقِيَ فى الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ؟
+ عرف يونان مُدّة بقائه في الحوت بعدّة طُرُق؛ فالحوت يصعد كلّ بضع دقائق على السطح ليتنفس، فكان يونان يرى النور أو الظلام، عندما يفتح الحوت فمه ويُدخِل إليه كميّة من الماء والهواء.. ويمكننا جميعًا القراءة عن مواصفات الحوت الأزرق، وطريقة تغذيته وتنفّسه وحركته..
+ أيضًا بعد خروج يونان إلى الشاطئ، فهو سيعرف من الناس ما هو اليوم الحالي في الأسبوع، وبالتالي سيعرف عدد الأيّام التي قضاها في البحر.
3- هل التقى يونان بالبحّارة، ليَعرف أنّهم ذَبحوا ذبيحةً للربّ ونذروا نذورًا (يون1: 16) بعد أن ألقوه في البحر، وهدأت العاصفة؟
+ لا أعرف.. هل التقى يونان بأحد النوتيّة في وقتٍ لاحق؟ أم عرف ما فعلوه عن طريق شخص آخر..!
4- هل يونان بالتأكيد هو ابن الأرملة في قصّة إيليّا؟ وهل هذا موجود في التقليد اليهودي؟ أم أنّنا لا نعتمد على التقليد اليهودى.. مع الوضع في الاعتبار أنّ هناك فيلم ليونان كان موجود به شخصيّة والد يونان وإخوته.. فأين الحقيقة؟!
+ الحقيقة أنّني لم أر الفيلم، ونحن عمومًا لا نبني معرفتنا على الأفلام..
+ لا يوجَد تأكيد أنّ يونان هو ابن الأرملة.. بل أنّ هذا احتمال بعيد وغير منطقي.. فأرملة صرفة صيدا ليست يهودية، وقد كانت تسكن في منطقة بعيدة تمامًا عن شعب إسرائيل، بينما يونان هو نبي يهودي، من بلده اسمها جَتّ حافر (2مل14: 25)، وهي قرية تبعد حوالي خمسة أميال فقط شمال مدينة الناصرة..
+ لم يذكر ق. كيرلّس الكبير في تفسيره لسفر يونان أيّ شيء عن هذا الموضوع.
+ هناك فارق زمني يبلغ حوالي سبعين سنة بين الوقت الذي عاش فيه إيليّا والوقت الذي عاش فيه يونان.. وهذا نعرفه من تاريخ الملوك المعاصرين.
+ لستُ أرى فائدة من ربط أحداث أو شخصيّات تاريخيّة مختلفة ببعضها البعض، بينما لا يوجد بينهما أيّة علاقة.. وقد يتسبّب هذا في تشتيت الانتباه بعيدًا عن الحقائق الهامّة الخلاصيّة التي تفيدنا وتبنينا في المسيح.
5- هل الله هو مَن ألقى يونان في البحر؟ أم أنّه ألقى نفسه بقراره الشخصي بسماح من الله؟ إذ يقول في صلاته: لأَنَّكَ طَرَحْتَنِي فِي الْعُمْقِ فِي قَلْبِ الْبِحَارِ، فَأَحَاطَ بِي نَهْرٌ. جَازَتْ فَوْقِي جَمِيعُ تَيَّارَاتِكَ وَلُجَجِكَ (يون2: 3).
+ الله سمح بإلقاء يونان في البحر، عن طريق القُرعة، وبأيدي البحارة.. وكان قد أعدّ له حوتًا ليبتلعه ويحفظه سالمًا حتّى يقذفه على الشاطئ..!
+ كان غرض الله أن ينقذ يونان من السير في الطريق الخطأ، ويعيده للمسار السليم، ويُعِدّه للكرازة بقوّة.. فيكون مثمرًا في كرازته بعد أن اختبر قوّة الله التي خلّصته من الموت..!
6- أين هي "ترشيش"؟
+ يظنّ البعض أنّ ترشيش موجودة في أسبانيا أو في تونس، وهذا افتراض غير سليم وغير منطقي تمامًا، إذ من الصعب أن يوجَد في ذلك الزمان سفن تستطيع أن تسافر بطول البحر المتوسّط كلّه..
+ القديس كيرلّس الكبير، في تفسيره لسفر يونان، يوضِّح لنا أنّ "ترشيش" هي بالتأكيد مدينة "طرسوس"، بمقاطعة كيليكيّة جنوب أسيا الصغرى. وبالمناسبة فهي المدينة التي وُلِد فيها فيما بعد شاول الطرسوسي (القدّيس بولس الرسول).
كل عام والجميع بخير وفرح وسلام،،
القمص يوحنا نصيف