ياسر أيوب
كانت الرياضة فى اليومين الماضيين أكثر انسانية من حكوماتها وإعلامها .. فقد تسابقت حكومات كثيرة لتقديم المساعدات العاجلة والضرورية لتركيا بعد زلزال مؤلم وحزين .. وانشغل إعلام رياضى غربى بأخبار لاعبات ولاعبى تركيا ومعاناة كثيرين منهم نتيجة هذا الزلزال .. ووسط ذلك كله أعلن توماس باخ رئيس اللجنة الأوليمبية الدولية تضامن اللجنة واستعدادها الفورى لتقديم الدعم بكافة أشكاله لكل ضحايا الزلزال .. والأهم كان إصرار توماس باخ على الحديث عن تركيا وسوريا أيضا بنفس التضامن والتعاطف ..
 
وفى نفس الوقت أعلن جيانى إينفانتينو رئيس الفيفا بالنيابة عن كل أسرة كرة القدم فى العالم التضامن مع كل ضحايا الزلزال فى تركيا وسوريا .. وتكرر هذا التضامن من أندية أوروبا مع تركيا وسوريا بنفس القدر من الاهتمام والمواساة .. كأن الرياضة قررت دون قصد تعليم السياسيين والإعلامين فى بلدان الغرب ومناطق أخرى فى العالم أنه أمام المآسى والكوارث فلا فرق بين انسان وآخر .. والإنسانية فى مثل هذه الأوقات لا تعرف فوارق الهوية والجنسية واللغة والدين وأى مواقف أو أحكام مسبقة .. وقتها يبقى الانسان فى أزمته ومحنته فقط انسانا يحتاج للمساندة والدعم دون حدود أو شروط وأى حسابات أخرى .. وقد كان زلزال الإثنين الماضى كارثة حقيقية فى البلدين ..
 
مات أكثر من خمسة آلاف انسان فى تركيا وسوريا ولا يزال رقما قابلا للزيادة مع استمرار البحث تحت الأنقاض .. وغير الذين فقدوا حياتهم أو لا يزالون تحت الأنقاض .. كان هناك من فقدوا المأوى والأمان وكل ما يملكون بعد انهيار بيوتهم .. إحساس موجع ومخيف وحزين ومربك وقاسى لم يسلم منه أطفال وشيوخ أو نساء ورجال .. وكان للرياضة ما يخصها فى تلك الكارثة .. ففى تركيا مات أحمد أيوب حارس مرمى مالاتيا سبور الذى كان فى بيته لحظة انهياره ومات تحت الأنقاض وتم إنقاذ زوجته ..
 
ومات أيضا ثلاثة لاعبين إيرانيين ولاعب كاميرونى .. وفى سوريا مات نادر جوخدار اللاعب السابق فى الوثبة والفيصلى والوحدات والمنتخب السورى تحت أنقاض بيته ومات معه ابنه الصغير تاج الدين .. وحتى مساء أول أمس .. كان هناك أربعون مصارعا تحت الأنقاض فى تركيا .. ولا يزال البحث جاريا عن لاعبى فريق للكرة الطائرة للرجال وفريق للكرة الطائرة للبنات تحت 14 سنة .. وتم إنقاذ لاعب الكرة الغانى كريستيان أتسو المحترف فى هاتاى سبور التركى والذى بقى يومين تحت الأنقاض وتم نقله للمستشفى ..
 
وإلى مدينة هاتاى التى كانت أكثر المدن التركية تأثرا بالزلزال .. سافر إسماعيل شيبيه حارس مرمى جالاتا سراى المولود فى هاتاى ليحمل للناس هناك الطعام والغطاء .. وروى الإيطالى فينشينسو مونتيلا المدير الفنى لفريق أدنه كيف استقبل لاعبوه وهم فى اسطنبول خبر الزلزال وما جرى فى مدينة ادنه وكيف كان يسمع عبر تليفونات اللاعبين صراخ زوجاتهم وأولادهم وهم فى الشارع بعد أن تهدمت بيوتهم .. وكانت التفاصيل التى حكاها مونتيلا كافية لمعرفة حجم الحزن والخسارة والمأساة.
نقلا عن المصرى اليوم